ثقافة وفن

أحب أن يقرن اسمي بالعراق وبالحب وآمل أن أنجح بتلقين أبنائي أسرار الحياة

حاوره: علاء المفرجي

ولد مؤيــد الحيــدري في بغداد عام 1952، درس الفيزيـاء- كلية العلوم ، عمل في مجال الصحافة والتصميم ورسم الكاريكتير بشكل متقطع منذ عام 1971. حاز على الجائزة الاولى للفنانين الشباب في العراق 1970 . أطلق مع زوجته الفنانة سلمى العلاق مشروع” ملبوس العافية” مطلع الثمانينيات، ومن ثم تفرغ لتصميم ورسم مئات “لوحات تمشي» على هيئة عباءات و أردية تتزين بالتصاميم الفنية والكتابات العربية بمعان ٍ ودلالات مختلفة. أقام وشارك في عدة عروض ازياء لأعمال» لوحات تمشي»، في لندن وباريس وواشنطن وبغدااد وبراغ.
شغف مبكرا بالعمل الاذاعي والتلفزيوني، فاجتاز دورة متخصصة للمذيعين في “معهد التدريب الاذاعي والتلفزيوني” ببغداد عام 1972، عمل مراسلا ثم رئيسا لمراسلي اذاعة العراق الحر 2003 – بغداد
ومدير مكتب اذاعة العراق الحر في بغداد لـ( اذاعة اوربا الحرة) 2004 ، وأعد وقدم المئات من التقارير الاذاعية والبرامج الحوارية، قبل أن يضطر الى ترك العراق في تموز يوليو 2007 بسبب الظروف الامنية والتهديد الشخصي، التحق إثر ذلك بالعمل من مقر الاذاعة في العاصمة التشكية- براغ كمذيع ومُعد ومقدم برامج متنوعة وحوارية في الشؤون الثقافية والاجتماعية والسياسية. لغاية تموز يوليو 2015.
التحق بشبكة الشرق الاوسط للاعلام MBN في العاصمة الامريكية واشنطن، ف-آب اغسطس 2015 ، مذيعا ومعداً و مقدما للعديد من البرامج التفاعلية والحوارية في في مختلف شؤون حياة العراقيين.

حدثنا في البدء عن ميولك الى الفن ثم الاعلام منذ النشأة الأولى، ما هي المراجع التي دفعتك لذلك، (أماكن، حيوات، كتب، مراجع)؟
الكتاب والمجلة والقلم والصورة أثثت حياتي مبكرا، وتلبسني الفضول والرغبة في الاطلاع والتلصص واجتراح أجوبة للأسئلة التي لم تنقطع تنبثق في رأس ذلك الطفل الذي كنُتُهُ، و ما أزال!
لا أستطيع توقيت الحدث او اللحظة التي احتدم عندي ذلك الفضول بلهفة الاكتشاف والتلذذ بالاطلاع واستزادة المعرفة، فقد
نشأت في اسرة تنتسب لعالم المكتبات والأدب والثقافة، فوالدي شمس الدين الحيدري (1914- 2000م) كتبيٌ مخضرم، وجدّي هو الاخر كتبي واديب من الصنف الكلاسيكي، ترك رصافة بغداد (إذ لم يُطق مشاهدة جنود الاحتلال البريطاني في شوارع المدينة) الى الكاظمية حيث افتتح مع ولده الأكبر السيد كاظم مكتبته “ الأهلية” سنة 1919 ، التي نقلها سنة 1921 الى سوق السراي لتكون رابع مكتبة في ذلك السوق الشاهد على نشأة الدولة العراقية الحديثة.
كنت رابع الأولاد في اسرة تكونت من ستة أبناء وثلاث بنات، درج اغلبنا على معاونة الوالد في عمله وقد افاضت أجواء المكتبة وروادها ومجالسها تأثيرها على بعضنا ما اكسبنا عشق القراءة والتطلع للتعلم والمعرفة.
تولت أمي، مثل غالبية امهاتنا العراقيات إدارة البيت وتهيئة احتياجات افراد الاسرة بحرص و تفان ٍ حتى أنها كانت تتابع دراستنا في مراحل التعليم الأولية إذ كانت قد تخرجت من الدراسة الابتدائية، وظلت تحتفظ بشهادتها وعليها صورتها الشخصية بتوقيع استوديو ارشاك، لتتحول الى شاهدٍ لحلم ٍ جميل أنهاهُ زواجُها المبكر من والدي مطلع الاربعينات!
درستَ الفيزياء وهو اختصاص علمي بحت، منذ بداية السبعينيات، ثم عملت في الصحافة والتصميم، ورسم الكاريكاتير.. هل لأنها كانت اختيارك الأول، الذي حجبته دراستك العلمية؟
لم تكن الفيزياء شعفي الشخصي ، فقد تلبسني الرسم والقراءة بوقت مبكر، وكنت متميزا في ذلك، إذ أقمتُ معرضي الشخصي الأول (56لوحة) بدعم من استاذي الفنان خليل الورد خلال السنة الأخيرة من دراستي الإعدادية عام 1969 ، وحصلت أيضا على الجائرة الأولى للفنانين الشباب في العراق في اذار 1970، ورغم ان المؤشرات كانت ترشحني لدراسة الرسم والتخصص به دون شك، الا أن رغبة الوالد، و السياق العائلي الذي دفع بأشقائي للدراسة الطبية والهندسية، وضعني في موقف الاستجابة لرغبة الأسرة في التخصصات العلمية على ان تبقى الهوايات في المرتبة التالية !
عملت لأكثر من 3 عقود في مجال الاعلام، وتحديدا في مجال الإذاعة. لماذا الإذاعة بالذات؟ ما هي المميزات التي تجعل العمل الإذاعي بهذه الأهمية على الأقل بالنسبة لك؟
أنا من جيل أدمنَ الاستماع َالى الراديو والقراءة و شغفَ بالصحافة وعشِقَ الإلقاء والخطابة والتمثيل ! عناصر كافية لخلق قدر كبير من الولع بالإعلام ووسائله لدى ذلك الصبي المأخوذ بالاكتشاف والتجريب! خصوصا أني نشرت بعض كتاباتي الادبية والشعرية و العديد من الرسوم الكاريكاتيرية في الصحف منذ نهاية الستينات، ، و في صيف 1971 نجحت في دورة متخصصة للمذيعين في معهد الإذاعة والتلفزيون يومذاك وبأشراف و تدريس نخبة ممتازة من المختصين باللغة والالقاء والتمثيل و التحرير الصحفي والتصوير من العراقيين والعرب.
ما يزال العمل الإذاعي هو الأقرب لنفسي، والميكرفون هو الرفيق الأحب للتواصل مع الجمهور من خلال اعداد وتقديم البرامج التفاعلية، فضلا عن البرامج الحوارية التي أتاحت لي محاورة اكثر من 600 شخصية ذات بصمة وحضور وإنجاز في مختلف حقول العلم والثقافة والمعرفة والادب والابداع فضلا عن السياسة، ضمن مشروعي الخاص بتوثيق تلك الشخصيات وتأثيرها على الواقع العراقي. وفي هذا السياق أطمح بإطلاق منصة بودكاست خاصة بي، لأواصل وأنعش ذات المشروع الحواري ذا المحتوى التوثيقي.
في بداية الإذاعة كاختراع كانت وسيلة اتصال ناجعة، ثم تكالبت عليها الاختراعات الأخرى كالتلفزيون، والانترنت، لاشك ان حضورها تراجع لكنها ما زالت صامدة.. ما السبب في رأيك؟
مازلت أرى ان الراديو وسيلة ذكية ومؤثرة في المتلقي، وقد احزنني التوجه لوقف بث عدد من الاذاعات المرموقة التي مثلت ايقونات لامعة في عالم البث الإذاعي التقليدي ، مثل بي بي سي العربي وإذاعة العراق الحر من براغ، وراديو سوا من واشنطن وامثالها، فرغم تمدد عالم الرقميات و ميديا الديجتال وخصوصا البودكاست، إلا أنها لم تعوض، برأيي الشخصي، الفراغ الذي تركته اذاعات رصينة تجيد الهمس في اذنك وتغني عقلك دون تكلف، ما يزال الراديو رفيقاً ودودا مفيدا في السيارة والمطبخ، وقرين ساعات الليل الطويل، فهناك كثيرون لا يحلو لهم النوم الا على هدهدة المذياع وأحاديثه وموسيقاه، وأنا أحدهم !.
عملت في إذاعة أوربا الحرة، وكنت رئيسا لمراسليها بعد 2003 هل لك أن تحدثنا عن تجربتك، ثم انتقلت للعمل في مقر الإذاعة في براغ، والعمل بعدها في شبكة الشرق الأوسط للأعلام MBN .. حدثنا بإسهاب عن تجربة العمل في هذه المؤسسات؟
قدمنا من خلال إذاعةُ اوربا الحرة- إذاعة العراق الحر بعد 2003 نمطا صحفيا متميزا ذا تأثير غير مألوف لدى المستمع العراقي، ÷ذ حرصنا على تقديم صوت إذاعي موضوعي ونقدي جريء، يلامس حياة الناس لاستيعاب التحولات التي طرأت على مختلف نواحي الحياة العراقية تلك الحقبة. وربما كان هذا النهج جديدا على الجسد الإعلامي المحلي فاستوجب تدريباً وإعدادا مهنيا لنا كمراسلين ومُعدّين وعاملين في الإذاعة، داخل العراق، لتحقيق مستوىً َطموح، وقد تبدت موثوقية الأداء ربما من خلال التفاعل الواسع للجمهور مع مستمعين وساسة و مسؤولين واكاديميين ومحللين،
اعطاني العمل مع إذاعة اوربا الحرة من براغ ومن ثم مع راديو سوا في واشنطن شحنات ثمينة من التجربة والمعارف المهنية وطدت يقيني بخطورة دور الاعلام عموما والعمل الإذاعي على وجه الخصوص اذا ما تيسرت الظروف الداعمة والعقلية الإدارية المبدعة المنفتحة. أظن أن البرامج التفاعلية والحوارية التي عملت على اعدادها وتقديمها مع زملائي كانت ذات تأثير جدي على الجمهور المستمع والمتفاعل، فليس اكثر متعة واعتزاز من ان تتناقش موضوعا حيوياً راهناً على الهواء مع آلاف المستمعين بإمكانهم الاتصال الهاتفي والتداخل مباشرة لإثراء الموضوع او للتعليق والتأييد أو الاعتراض، كانت دروسا رائعة لترويضنا جميعاً: المقدم والمستمع على التعايش بسلام في أجواء الحوار الديمقراطي و التخلي عن السائد من ان الاختلاف هو عداءٌ وخلافٌ ومبرر للحرب والكراهية !
بعد عام 2003 تعرض مكتب إذاعة أوربا الحرة للكثير من المضايقات، نالتك شخصيا .. حدثنا عن ذلك؟
واجه الصحفيون العراقيون والعاملون بوسائل الاعلام المختلفة خصوصا الأجنبية منها تهديدا أمنيا متنامياً بعد 2003 ، فقد تعرضت البناية التي ضمت مكتب الإذاعة في منطقة الجادرية ببغداد الى عمليتي تفجير بتواريخ مختلفة، تسببت بإضرار جسيمة في المكتب والمبنى، فيما تعرض عدد من الزملاء المراسلين الى الاغتيال والخطف والتهديد والتهجير من مناطق سكناهم خلال موسم ذروة القتل الطائفي 2006-2007 ( خسرنا ثلاثة زملاء اغتيلوا بفترات مختلفة وهم خمائل محسن ونزار الراضي ود محمد بديوي الشمري ) وبسبب التهديدات ومحاولات الاختطاف اضطر بعضنا الى ترك العمل نهائيا، و مغادرة بيوتهم ومدنهم والنزوح الى محافظات أخرى او خارج العراق, خشية تنفيذ الإرهابيين والقتلة تهديداتهم المتزايدة. وكان نصيبي محاولة اختطاف نجوت منها باعجوبة ، وهو ما دفع إدارة الإذاعة في براغ مطالبتي مغادرة بغداد، ومن ثم الالتحاق بإدارة المؤسسة في العاصمة التشيكية براغ. لأواصل عملي الإذاعي من هناك لغاية شهر آب أغسطس عام 2015. حين تقرر وقف إذاعة العراق الحر نهائيا، لالتحق بعدها مباشرة براديو سوا وقناة الحرة في العاصمة الامريكية واشنطن، لغاية قراري بالتقاعد قبل سنتين سنوات.
هل نقف عند ابرز المواقف بمختلف مسمياتها والتي صادفتك في مسيرتك الإعلامية؟
أتاح لي العمل في الإذاعة التواصل َ مع شخصيات متنوعة التخصص والاهتمام و الوعي ، وقد افادني ذلك كثيرا وما يزال يثري تجربتي المهنية والإنسانية، فأنا أرى أن كلاً منا ينطوي على ما يجعله مادة ثمينة لرواية مكتملة، فحيواتنا حافلة بالعقد والأحداث والشخصيات والدروس الفريدة ، الا اننا بحاجة الى تحويلها الى شريط مرئي او مقروء! أحيانا أجد أشخاصا خارج قائمة التميز والضوء النمطية ا، الا انهم ينطوون على حكمة وبلاغة وخبرة فطرية مذهلة قد يفتقدها الكبارمن القادة والسياسيين و صناع القرار! وغير ذلك يا صاحبي وجدت ان العديد من العلماء والأعلام والمبدعين لا يجيدون التعبير عن آرائهم و عرض أفكارهم ، ولا تستغرب اذ تجد بعضهم متعثرا في الافصاح عن مواقفه والتحدث عن نفسه، وهنا تبرز أهمية ِالمحاوِر الذي يجيد استنطاق ضيفه، و يساعده في الكشف على كنوز افكاره و احاسيسه برهافة وذكاء تكاد تشبه مبضع الجراح الماهر، وهذا ما جعلني أقدم حوارات الاذاعية بهذا التوصيف : ( حوارات، فسحةٌ لتبادل الرأي ومناقشة الفكرة والاطلاع على التجربة)!
في عالم الرسم والتصميم لم أملّ من رغبة التعلّم والتجريب و الاجتهاد، ولم «تشبع» عيني، من متابعة الجديد والمبتكر والمثير لمختلف الثقافات، فلا أجمل وأمتع من ان يفرش فضاء التواصل الإنساني اليوم هذه الهدايا اللامحدودة من الآراء والأفكار والنزق المنفلت الرومانسية والوحشية والتشدد والعنف الظاهر و المبطن الذي يصفع وجوهنا وعقولنا كل حين،، فاذا بنا نواجه السؤال الخطير والاشد وطأة ً: اين أنا من كل ذلك ؟ وما الذي ينبغي قوله وفعله؟ ومتى؟
نعود الى الفن، ونريد ان نعرف أي وجه تريده أن يبرز فيك أكثر هل هو التشكيلي ام رسام الكاريكاتير، ام الإعلامي؟
بصراحة انا لا اجيد توصيف نفسي أو تنميط تخصصي، إذ أجدني بعد اكثر من سبعين سنة في رحلة الحياة شغوفا ببعض المتع والآثام المغرية التي اصابتني بدرجات مختلفة ! فانا اعشق الرسم، والكتاب، وشغوف بالميكرفون والإذاعة ، أعيش حالة الشعر مطارداً الكلمة الهاربة من أسر المعاجم والقيود لتعطي معنى جديدا. أهوى الموسيقى والغناء! أكون زوجاً وأباً وجدّاً رائعا أحيانا، وعبثيا فوضويا متمرداً أحيانا أخرى ! انحاز الى الإنسان وأعادي الظلم و الجبروت الوحشي، مع الجمال ممثلا بالمرأة والطفل ، انا مؤيد الحيدري، يملؤني شغف الصبي و جرأة المراهق مدعياً الحِكمة المفتعلة! أحاول ان اتعلم كل يوم، لا اسعى لنيل شهادة او تزكية، لكني أحب ان يقرن اسمي بالعراق وبالحب، وآمل أن أنجح بتلقين أحفادي أسرار الحياة كما عرفتها!!
في مطلع الثمانينيات اطلقت مع زوجتك الفنانة التشكيلية سلمى العلاق، مشروع (ملبوس العافية) ما طبيعة هذا المشروع وأهميته في تلك الفترة؟ وما آل اليه الان؟
علاقتي بسلمى العلاق وارتباطنا كزوجين منذ 45 سنة فاصلة ٌ مهمة في حياتينا ساهمت في تشكيل شخصيتَينا وانتاجنا الفني والانساني، ابتنيناها من خلال تناغم ذوقي وعاطفي يخضع للحوار والاجتهاد والمناقشة ، سلمى هي احدى الرسامات العراقيات المميزات اللائي قدمن اعمالا جميلة بنكهة عراقية متفردة كانت فيها وفيّة ً للدرس الفني الأكاديمي الذي تلقته من اساتذتها الأوائل مثل فائق حسن وإسماعيل الشيخلي وعطا صبري وحافظ الدروبي و غيرهم ، ولم تزل حتى اليوم منتجة دؤوبة تسعى لاقتناص التجديد في لوحتها.
في بيتنا ببغداد (التي غادرناها مضطرين قبل نحو عشرين عاما), كان هناك مرسم لكل واحد منا، هو فضاؤه المكاني وعالمه الخاص لإنجاز لوحته او تصميمه او فكرته، نلجأ الى بعضنا لمناقشة العمل و الفكرة وتقييمه، اطلقنا مطلع الثمانينات « ملبوس العافية» وهو مشروع مشترك للرسم على الاقمشة والازياء، وقدمنا العشرات من الأعمال التزيينية قبل ان تختار سلمى التفرغ لرسم لوحتها بمواضيعها الجمالية العراقية، فيما دأبتُ من جانبي على إثراء تجربة الرسم على الاقمشة والازياء وإغنائها وإدامتها.
لديك كما اعرف اعمالا جاورت الألفين لوحة في إطار ما أسميته (لوحة تمشي) هل حدثتنا عن هذا المشروع؟
خلال اكثر من ثلاثة عقود أدعي أني عززتُ فكرة « اللوحة التي تمشي»! التي تتلخص بمنح اللوحة الفنية حريتها، و دفعها لمغادرة إطارها ثنائي الأبعاد من الجدار لتنزل على الارض ، تعيد تشكيل نفسها منسابة و متموجة ومستعرضة على الجسد الإنساني (المرأة بالذات) ، هذا ما أعطى العباءة او الرداء او الفستان قيمة مضافة تبدت بتحريك الوحدات الفنية والتفاصيل التي ترسم بالألوان يدويا على اللوحة- الجسد، فضلا عن ادخالي الخط العربي بحيث تمازجت الحروف و الكلمات وابيات الشعر في تداخل فني محسوب ليعطي كل قطعة خصوصيتها الجمالية و يؤكد فرادتها الفنية باعتبارها لوحة مستقلة جرى رسمها مرة واحدة، لم تعرف النسخ او الطبع او التكرار ,,!
فكرة “اللوحة التي تمشي” وجدت لدى كثيرين تقديرا تبدى بالإقبال على اقتناء تلك الاعمال، وأفخر اليوم اذ اجد المئات منها في مختلف مدن العالم تتباهى مالكاتها بانها ايقونات للعائلة تستحق التوريث بين الأجيال! واعتز بهذا الشأن بالتشجيع والعناية التي ابداها لي الاديب الكبير الروائي و المترجم والفنان جبرا إبراهيم جبرا وما سطره حول اعمالي التي قدمتها في عرض خاص ببغداد سنة 1994 ، فضلا عن العديد من المعارض الخاصة والمشتركة داخل العراق و خارجه ، منها عمان وبيروت وباريس وبراغ وأمريكا وآخرها المعرض المشترك الذي اقمناه لأعمالنا، سلمى وان، ا في العاصمة البريطانية لندن في حزيران 2023.
من هم آباؤك في الابداع عموما؟
دعني أقول أولا أننا محظوظون! إذ تسنى لجيلنا معايشة التحولات الهائلة في تاريخ الجنس البشري خلال العقود الأخيرة ، شخصيا أرى ان الانسان هو المعجزة الاثمن والجوهرة الفائقة السطوع في الحياة، وهو عنوان الإبداع ومادته. بكل ما أعطاه واجترحه من ابتكار وجمال وآثام و حسنات ومساويء، وإذ اتصفح المئات ممن علموني وأثروا بي وحركوا قيم الخير والمحبة والجمال في ، أو ربما اجادوا افسادي وتحريضي ودفعي الى المهالك، اعترف بان كل ذلك ساهم في تشكيل شخصيتي وزرع نوازع التميز و ابتكار الدهشة لدي، نجحت أحيانا وفشلت في أحيان أخرى! لكني لست بنادم واتوق لمواصلة هذا الشغف والفضول والعطاء لأخر ساعة من حياتي،
يرعبني و يصفعني على الدوام تساؤل الجواهري الكبير:
لغزُ الحياةِ وحَيرةُ الألباب ِ
أن يستحيلَ الفِكرُ محضَ ترابِ!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى