أردوغان: سنوجه دعوتنا للأسد لاستعادة العلاقات التركية السورية
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه قد يدعو نظيره السوري بشار الأسد إلى تركيا “في أي وقت”، ما قد يشير إلى تحسن العلاقات بين البلدين بعد قطيعة لأكثر من عشرة أعوام.
جاء ذلك بعد نحو أسبوع من تصريحات لأردوغان قال فيها إنه لا يوجد ما يمنع إقامة علاقات بين أنقرة ودمشق، بعد توترات شديدة منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا قبل 13 عاماً، بلغت ذروتها حين طالبت تركيا بتنحية الأسد “حقناً للدماء”.
ونقلت وكالة الأناضول للأنباء عن أردوغان الأحد، تصريحاته الصحفية خلال رحلته من برلين، التي شهد فيها مباراة بين منتخب بلاده ونظيره الهولندي، في إطار كأس أمم أوروبا لكرة القدم يورو 2024.
وقال أردوغان للصحفيين وهو على متن الطائرة: “سنوجه دعوتنا [للأسد]، وبهذه الدعوة، نريد استعادة العلاقات التركية السورية إلى نفس المستوى الذي كانت عليه في الماضي”.
وصرح أردوغان بأنه “قد يتم توجيه دعوتنا في أي وقت”، بحسب بيان رئاسي لمقابلة أجرتها معه وسائل إعلام تركية، مؤكداً أن أنقرة سترد بالمثل على أي خطوة إيجابية من دمشق.
وأضاف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ورئيس الوزراء العراقي يمكن أن يسهما في تسهيل الاتصال بين البلدين.
وكان رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي في تركيا، أوزغور أوزال، قد قال مؤخراً إنه يقوم بمحاولات لترتيب لقاء مع الرئيس السوري.
تحول في العلاقات
قبل اندلاع الاحتجاجات السورية عام 2011، كانت تركيا حليفاً اقتصادياً وسياسياً أساسياً لسوريا، لكنها قررت بعد ذلك قطع علاقاتها ودعم المعارضين الذين يريدون الإطاحة بالأسد.
في البداية، اتخذت تركيا موقفاً دبلوماسياً يدعو لإجراء إصلاحات سياسية، لكن ومع تصاعد العنف ضد المحتجين السوريين، أرسلت تركيا وزير خارجيتها إلى دمشق لتوجيه رسالة “شديدة اللهجة”، قبل أن تطالب أنقرة بتنحية الأسد.
وأعلنت تركيا تعليق أنشطة سفارتها في دمشق وإغلاقها بسبب تدهور الظروف الأمنية في البلاد، كما تشكل الجيش السوري الحر من المنشقين عن الجيش السوري في تركيا، ونظم المجلس الوطني السوري مؤتمراً في تركيا للتخطيط للإطاحة بالأسد.
وشهدت سوريا منذ بداية الحرب في مارس/آذار2011 تدخلات تركية عسكرية متعددة، تركزت في مناطق شمال البلاد الذي تسيطر عليه أنقرة، قائلة إن العمليات تهدف إلى تحقيق ضرورات أمنية وسياسية واقتصادية، بحسب المسؤولين الأتراك.
وفي عام 2016، دعت روسيا تركيا إلى اتصالات عسكرية بين أنقرة ودمشق لمنع تسلل “العناصر الإرهابية” إلى سوريا عن طريق الحدود التركية، في إطار الحرب ضد تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية.
وفي عام 2019، بدأت أنقرة في تغيير لهجتها في إطار ما أطلق عليه أردوغان منع فتح “ممر للإرهاب” في شمال سوريا، وشهد العام التالي محادثات لحل الأزمة السورية، شهدت حضور ممثلين عن الحكومة السورية، برعاية روسيا وتركيا وإيران.
ومع ذلك، فإن بداية الانفراجة الحقيقية كانت في عام 2022، حين أعلنت روسيا وتركيا عن محادثات على المستوى العسكري والاستخباراتي لبحث الأزمة السورية.
وفي العام التالي، اقترحت روسيا “خارطة طريق” لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، تسمح للحكومة السورية باستعادة السيطرة على كامل أراضي البلاد، بما يضمن أمن الحدود مع تركيا.
وفي مايو/أيار من العام الجاري، أعلن العراق العمل على المصالحة بين البلدين، وهو ما أعلنت عنه صحيفة سورية في إطار “عملية تفاوض طويلة قد تفضي إلى تفاهمات سياسية ومدنية”.
ولمح الرئيس التركي في مناسبات عديدة إلى أنه قد يعيد النظر في العلاقات مع الأسد، بعد نصيحة من بعض القادة، من بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
أزمة اللاجئين
جاءت التصريحات الأخيرة للرئيس التركي بعد تصاعد التوترات على مدار الأسبوع الماضي، عقب أعمال شغب هاجم خلالها مجموعة من المواطنين شركات وممتلكات مملوكة لسوريين في قيصري وسط الأناضول، بعد اتهامات لأحد السوريين
بـ “التحرش بطفلة”.
وقد أدان الرئيس التركي أعمال العنف، متهماً المعارضة بتأجيج الأحداث، فيما أعلنت السلطات الأمنية في تركيا حينها توقيف 474 شخصاً على خلفية تلك الأعمال التي وصفها وزير الداخلية التركي بـ”الأعمال القبيحة”، مؤكداً أن 285 من المقبوض عليهم لديهم سجلات جنائية مختلفة.
وقد أعادت تلك الأحداث قضية اللاجئين السوريين إلى الواجهة، حيث تبادلت الحكومة والمعارضة التركية الاتهامات بشأن الأسباب التي دفعت لاندلاع أعمال الشغب.
وصرحت قيادية بحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بأن السلطات “لن تتهاون مع الأيادي التي تمتد إلى اللاجئين في بلادنا”، مضيفة أن أنقرة لا يمكن أن “تخذل من لجأ إليها”.
يأتي ذلك في الوقت الذي تستمر فيه حملات تركية رسمية بترحيل قسري لسوريين قدموا إلى تركيا بشكل غير شرعي، حيث تسيطر أنقرة على الشمال السوري الذي أنشأت فيه “مناطق عودة آمنة للاجئين السوريين” للحد من الهجرة غير النظامية إلى تركيا.
وأعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش أن السلطات التركية قامت بترحيل أكثر من 57 ألف سوري وآخرين عبر معابرها الحدودية خلال العام الماضي بين يناير/كانون الثاني وديسمبر/كانون الأول 2023.
وكشفت بيانات الأمم المتحدة أن البلاد تستضيف نحو ثلاثة ملايين و200 ألف سوري، كما أوضحت دائرة الهجرة التركية مؤخراً أن عدد اللاجئين السوريين المقيمين تحت بند “الحماية المؤقتة” في تركيا أكثر من 3 ملايين.
وقد تعهد معارضو النظام في تركيا بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، خلال انتخابات العام الماضي، ما يشير إلى تفاقم مشكلة اللاجئين في البلاد.
يذكر أن تركيا قالت للأمم المتحدة في عام 2012، إنها تحتاج المساعدة لمواجهة تدفق اللاجئين السوريين إلى أراضيها، مؤكدة أن أزمة اللاجئين السوريين أصبحت “مشكلة عالمية”.
Source link