إغلاق معبر الكرامة يفرض مزيدا من الضغط على الاقتصاد الفلسطيني | اقتصاد
رام الله- منذ 9 سبتمبر/أيلول الجاري يواصل الاحتلال الإسرائيلي إغلاق الجانب التجاري من معبر الكرامة الخاضع لسيطرته بين الأردن وفلسطين، متسببا في مزيد من الضغط على اقتصاد الضفة الغربية المتردي أصلا.
وجاء إغلاق المعبر -الذي يقع شرقي مدينة أريحا- بعد مقتل 3 من عناصر الأمن الإسرائيلي برصاص سائق الشاحنة الأردني ماهر الجازي من محافظة معان جنوبي المملكة.
ومع استمرار إغلاق معبر “الكرامة” بالتسمية الفلسطينية أو “اللنبي” بالتسمية الإسرائيلية أو “جسر الملك حسين” بالتسمية الأردنية شمالا يواصل معبرا “الشيخ حسين” الذي يقع بالقرب من مدينة بيسان وفي بلدة الشونة الشمالية من الجانب الأردني و”وادي عربة” -الذي يصل إيلات والعقبة جنوبا- العمل لتنقل الأفراد والبضائع بين الأردن وإسرائيل.
توقف تام
ووفق النقابة الوطنية الفلسطينية لعمال النقل، فإن نحو 300 شاحنة تنقل بضائع من المعبر إلى أنحاء الضفة الغربية يوميا متوقفة عن العمل منذ ذلك الوقت.
وقال عضو النقابة عادل عمرو للجزيرة نت إن النقل من المعبر يشكل مصدر رزق لنحو 300 سائق هم الآن عاطلون عن العمل، كما تضرر عشرات العمال الفلسطينيين داخل المعبر ومئات المستفيدين بشكل غير مباشر، فضلا عن التجار.
ووفق النقابي الفلسطيني، فإن نحو نصف هذه الشاحنات (نحو 150 شاحنة) تنقل الإسمنت من الأردن إلى مدن الضفة الغربية.
ويخضع دخول البضائع من الأردن إلى فلسطين لإجراءات إسرائيلية، إذ إن على الشاحنات الأردنية الخضوع للتفتيش اليدوي وبأجهزة الليزر والكلاب البوليسية، وتنتهي مهمتها في معبر الكرامة عند الجانب الإسرائيلي من الحدود، حيث تكون في انتظارها شاحنات فلسطينية خضعت للتفتيش نفسه.
وفي هذه النقطة يتم نقل حمولة الشاحنة الأردنية إلى الشاحنات الفلسطينية، وقد يتم تفريغ الحمولة لتفتيشها يدويا.
ووفق عمرو، فإن مخاسر باهظة يتكبدها التجار الفلسطينيون الذين تنتظر بضائعهم في الشاحنات أو مخازن بالأردن، فضلا عن نقص بعض الأصناف من أسواق الضفة.
ويطالب عمرو بتدخل المؤسسات الدولية والحقوقية للضغط على الاحتلال الإسرائيلي لفتح المعبر بأسرع وقت ممكن.
شريان حياة
ويعد المعبر شريان حياة رئيسي للضفة، إذ يتم من خلاله تصدير البضائع الفلسطينية إلى الخارج والاستيراد أيضا عبر ميناء العقبة الأردني.
ويخضع المعبر لإدارة سلطة المطارات الإسرائيلية التي يرفض موظفوها العودة للعمل، وفق إعلام إسرائيلي.
وبموجب اتفاق أوسلو (إعلان المبادئ) بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، فإن الأمن الخارجي وبالتالي الأمن على طول الحدود سيبقى خلال المرحلة الانتقالية (مدتها 5 سنوات) من صلاحيات إسرائيل، وهذا ينطبق على الأشخاص والبضائع التي تحصّل إسرائيل ضرائبها وتحولها للسلطة فيما تعرف بـ”المقاصة”، وانتهت الفترة الانتقالية عام 1999 دون أي دور فلسطيني على الحدود.
وبشكل مستمر تقتطع إسرائيل جزءا من المقاصة لأسباب مختلفة حتى بلغ مجموع الأموال المقتطعة نحو 6 مليارات شيكل (نحو 1.6 مليار دولار)، مما جعل السلطة غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها كاملة ودفع رواتب منقوصة لموظفيها.
وحدّ بروتوكول باريس الاقتصادي 1995 من قدرة الاقتصاد الفلسطيني على النمو كونه جعل التبادل التجاري محصورا بين فلسطين ودولة الاحتلال الإسرائيلي بالدرجة الأولى.
وينظم اتفاق باريس استيراد البضائع التي يحتاجها الفلسطينيون، ويفرض شروطا على انسياب حركة البضائع من تلك الدول إلى السوق الفلسطيني.
ومع ذلك، شهدت الحركة التجارية بين الأردن وفلسطين تزايدا ملحوظا بعد توقيع اتفاقيات عدة لهذا الغرض بين الأردن وفلسطين من جهة وبين الأردن وإسرائيل من جهة أخرى.
ووفق معطيات نشرتها وزارة الاقتصاد الفلسطينية مطلع يونيو/حزيران الماضي، فقد زاد مستوى الواردات من الأردن بنسبة 227.6% والصادرات بنسبة 50.2% خلال السنوات العشر الماضية، في حين ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2022 إلى نحو 432 مليون دولار بنسبة ارتفاع 32% عن العام 2021.
أبرز الواردات
وجاء إغلاق المعبر بعد نحو 3 أشهر من اتفاق أردني فلسطيني على آليات تعزيز أواصر التعاون الاقتصادي بين البلدين وتطويرها، مما يسهم في رفع حجم التبادل التجاري، وصولا إلى مليار دولار سنويا، ورفع السلع المسموح بتصديرها إلى فلسطين من 300 إلى 425 سلعة.
ووفق الخبير الاقتصادي ثابت أبو الروس، فإن استمرار إغلاق المعبر سيؤثر بشكل مباشر على 14 اتفاقية فلسطينية جرى توقيعها في يونيو/حزيران الماضي لزيادة التجارة البينية.
وأضاف أبو الروس في حديثه للجزيرة نت أن واردات فلسطين من الأردن تتركز على الخضار والفواكه والمواد الأولية ومدخلات الإنتاج.
وأوضح أن هناك ارتفاعا كبيرا في الأسعار بالضفة الغربية نظرا لاستمرار إغلاق المعبر وعدم دخول شاحنات جديدة للسوق الفلسطيني، مشيرا إلى أن عدد الشاحنات من وإلى الأردن يصل في بعض الأيام إلى 700 شاحنة.
ولفت إلى أن كل الشاحنات المتجهة إلى الأراضي الفلسطيني -بما في ذلك شاحنات المساعدات- تصل عبر معبر الكرامة، في حين تستمر حركة الشاحنات إلى السوق الإسرائيلي عبر معبر الشيخ حسين.
ووفق بيانات دائرة الإحصاءات العامة الأردنية، زادت قيمة الصادرات الأردنية إلى إسرائيل 15% خلال السنة الماضية مقارنة بعام 2022.
واستوردت إسرائيل من الأردن أكثر من 46 ألف طن من الخضروات والفواكه في الفترة الممتدة من 8 أغسطس/آب 2023 إلى 8 أغسطس/آب 2024، وفق المصدر نفسه.