الاردن تكرم النجمة العراقية آلاء نجم في مهرجان السينما الدولي
كرّمت الحكومة الأردنية الممثلة السينمائية والمسرحية العراقية آلاء نجم، بمنحها لوح مهرجان الاردن الدولي للأفلام بنسخته العاشرة، والذي افتتحته وزارة الثقافة والشباب يوم الأربعاء 28 أيلول الفائت على مسرح المركز الثقافي الملكي في العاصمة عمّان.
وفي حديث صحفي، اعتبرت الفنانة آلاء هذا التكريم الذي جاء لقاء مجمل أعمالها السينمائية “تكريما لإنجازات السينما العراقية وروّادها من مؤلفين ومخرجين وممثلين، منذ فيلم (سعيد أفندي) 1957 للمخرج كاميران حسني، حتى فيلم (صمت الراعي) 2013 للمخرج رعد مشتت، والذي لعبت فيه دور البطولة”.
وعرض خلال المهرجان الذي اختتم الأحد الماضي، 27 فيلما عربيا وأجنبيا تناولت “محطات إنسانيّة ونوافذ وأحلام ولقطات ذاتيّة تعكس الإرادة القويّة وحضور الضمير، وتناقضات النفس البشريّة، ومواضيع في اختلاف الثقافات، وحقوق الطفل، ويوميات الإنسان” – حسب ما جاء في البيان الصحفي للمهرجان.
الفن والدراسة
ومنذ بدايات حضورها على خشبة المسرح، وامام كاميرات السينما والتلفزيون في العراق، بشرت الفنانة آلاء نجم، بولادة ممثلة عراقية باسلوب متميز تقنيا واداء معتمدة على موهبتها المصقولة بدراسة اكاديمية بدأتها بمعهد الفنون الجميلة ثم كلية الفنون الجميلة والحصول على شهادة الماجستير، وتنشغل اليوم بالدراسة للحصول على شهادة الدكتوراة. “تعلق على دراستها الاكاديمية العليا قائلة: “انا ممثلة قبل وبعد ان حصلت على شهادة الماجستير، او الدكتوراة، التي اجتهد فيها حاليا، في المسرح.. الشهادة كانت وستبقى لاغراض ثقافية معرفية بحتة وليس لحمل اللقب، واردت من خلالها ان احول تجربتي الادائية الى بحث علمي يطور عملي وعمل الآخرين، ما كنت اتمنى ان يوضع جهد دراستي وبحثي المضني (الاتصال اللفظي واللالفظي في اداء الممثل العراقي) كاحدى متطلبات حصولي على الماجستير على الرفوف، بل كنت اتمنى ان تتحول الى دراسة منهجية او في الاقل يستفيد منها زملائي الممثلين”.
الاء نجم، عرفت عبر ادوارها الصعبة والمعقدة في عشرات الاعمال المسرحية المتميزة، وخمسة افلام روائية، اثنان من افلامها الروائية الطويلة التي لعبت بها دور البطولة (كرنتينة)، اخراج عدي رشيد، و(صمت الراعي)، اخراج رعد مشتت، وشاركا في مهرجانات سينمائية دولية وحصلا على جوائز مهمة، الى جانب أكثر من ثلاثين فلما قصيرا.
تقول “انا ابحث عن الادوار الصعبة والمعقدة، لا يهمني قصر او طول الدور بل مدى اهميته وعمق فكرته وما سيبقى منه في ذاكرة المتلقي”، مضيفة “مثل هذه الادوار تستفز طاقتي الادائية وتحفزني لتحدي النمطية التي يقع فيها الممثل نتيجة تكرار الادوار المشابهة او استسهال اداء الدور ذاته، انا ممثلة باحثة، اجرب وابحث لامنح للشخصية ابعادها الحقيقية التي لا يتوقعها المشاهد “.
بين المسرح والسينما
الفنانة آلاء نجم بدأت مع المسرح، بل عرفت كممثلة مسرحية لسنوات عدة، وحصلت على جوائز عربية عن ادائها في مهرجانات في المغرب وتونس والاردن وفرنسا، منها جائزة مهرجان اصيلة عن مسرحية الاطفال “أليس في بلد العجائب”، لكن عينها بقيت على السينما.
تقول “المسرح هو البداية، والمسرح هو الاعلان الشرعي عن ولادة اي ممثلة او ممثل، باعتقادي لا يمكن ان نسمي الممثل ممثلا ما لم يؤدي ادواره المميزة على المسرح، وهكذا يفعل غالبية نجوم السينما الغربية والعربية، حتى لو كانوا مشهورين، يؤدون في بداياتهم وبين فترة واخرى ادوارا متميزة وصعبة على خشبات مسارح نيويورك ولندن وباريس وموسكو والقاهرة وبيروت ودمشق”، مؤكدة “نعم عيني على السينما، انا احب الاداء امام الكاميرا السينمائية والتلفزيونية، مع ان تقنيات الاداء تختلف كما هو معروف بين المسرح والسينما والتلفزيون، ولكن لي ان اسأل اين هو الانتاج السينمائي او التلفزيوني؟ انه متقطع وشحيح للغاية، لهذا اجدني دائمة الحضور على خشبة المسرح”.
وهي تفضل السينما باعتبارها تحقق لها الانتشار والشهرة، تقول “ان الانتشار والشهرة والتطلع للوصول الى الانتشار العربي والعالمي طموحات مشروعة للغاية ويجب ان يشتغل عليها الممثل ما استطاع اليها سبيلا، ولكن من خلال موهبته وادائه المتميز، لهذا انا أهتم بالعمل الفني ذاته، بقصة وسيناريو الفلم والمخرج وفريق العمل من ممثلين وفنيين، ولا يهمني ان يكون دوري قصير او بطولة في الفلم بقدر ان يكون دوري مؤثر وان يكون ادائي متميزا وان ارضى عنه”.
“في كل العالم نجد ان السينما هي الاكثر تاثيرا على المشاهدين، وهي من تحقق الشهرة، لكن للاسف ان السينما العراقية، ان صح لنا ان نطلق عليها هذا المصطلح، بطيئة، هناك افلام سينمائية ولا توجد سينما عراقية، والافلام التي عملت بها ما تزال قليلة، وبعضها عرض في المهرجانات الدولية ثم نامت في علبها حتى اليوم”.
مقابر الكورد في”صمت الراعي”
وحسب النقاد والمتابعين فان آخر الافلام التي لعبت بطولتها آلاء نجم، هو”صمت الراعي”، قصة واخراج الفنان العراقي رعد مشتت، ولعب البطولة الى جانبها الفنان محمود ابو العباس، حيث حصل هذا الفلم على العديد من جوائز المهرجانات الدولية التي شارك فيها.
موضوع الفيلم، المأخوذ عن قصة حقيقية وموثقة، أقل ما نقول عنه مركب، إذ تناول كاتب السيناريو والمخرج، مشتت، عدة قصص أو محاور مرتبطة بحدث واحد يتوزع على ثيمات سياسية واجتماعية وعاطفية، إذ تنطلق القصة من حادثة دفن مجموعة من الكورد، أطفال ونساء ورجال، في مقبرة جماعية بعد قتلهم رميا بالرصاص من قبل قوة عسكرية في بر السماوة، جنوب غربي العراق، ضمن عمليات ما عرف عنها في نهاية الثمانينات بـ”الأنفال” التي صفت أعدادا كبيرة من أكراد العراق.
العملية تجري بسرية تامة وبعيدا عن عيون الناس، لكن القدر يضع الطفلة زهرة (شيماء خليل) ذات الثلاثة عشر عاما، التي كانت تملأ جرتها من ماء النهر في وسط الحدث عندما تراقب عن بعد العملية بعد سماعها لأصوات الرصاص فيلمحها أحد الجنود ويلقى القبض عليها لتدفن مع الآخرين كي يتم التكتم على العملية برمتها، كل هذه الأحداث تدور بمرأى من الراعي صابر (سمر قحطان) الذي كان مختبئا وراء إطلال بيت طيني، مصابا بالذهول لما يراه، الذهول الذي سيحوله بعد قليل إلى شبه مجنون، مصدوم، يعاني من الصمت والانحسار اجتماعيا، مصابا بالعجز الجنسي أمام زوجته الشابة أميرة (نهار دايسو).
بعد أحداث عام 2003 حيث يتم تغيير نظام الحكم، و تتحرر الحكايات والأسرار، يتحرر الراعي من صمته ويبلغ عن جريمة قتل الكورد ودفنهم في مقبرة جماعية حيث يتم العثور على جثث الضحايا.
فلم”صمت الراعي” أكد على الموهبة الأدائية المتميزة للممثلة العراقية آلاء نجم التي لعبت دور سعدية، فهو دور مركب، بل هو أكثر من شخصية في آن واحدة، فهي الأم الأرملة ضحية الحرب التي تخسر فيها زوجها، والأخت المتعلقة بشقيقها الوحيد، وفي النهاية هي الضحية لكل تبعات أحداث الفيلم، هي ضحية غياب الأخ.
تقول: “شخصية سعدية تختصر معاناة المرأة العراقية خلال فترة الحرب، النساء هن الضحايا الحقيقيات في الحروب، النساء الكورديات اللواتي قتلن مع اطفالهن وازواجهن بلا ذنب سوى لانهن كورديات، هن رماد هذه الحروب، هن من يتحملن مخلفاتها المأساوية نفسيا واجتماعيا، وكان علي أن أقدم كل هذا بشخصية مركبة من خلال سعدية، العراقية الجنوبية البسيطة”.
المصدر; العراقيون في هولندا + وكلات