الانتخابات الرئاسية بسريلانكا بين برنامج الإصلاح ونهج التغيير | سياسة
21/9/2024–|آخر تحديث: 21/9/202411:21 ص (بتوقيت مكة المكرمة)
كولومبو– بدأ الناخبون في سريلانكا، صباح اليوم السبت، التوجه إلى صناديق الاقتراع في تاسع انتخابات رئاسية تشهدها البلاد. وبحسب رئيس لجنة الانتخابات، راتنا ياكه، فإن الحملة الانتخابية لم تشهد أية حوادث تضر بالعملية الانتخابية، فيما وُصفت بأنها الأكثر سلمية في تاريخ الانتخابات السريلانكية.
ويتجاوز عدد من يحق لهم الاقتراع 17 مليونا من بين مجموع السكان الذي يزيد عن 22 مليون نسمة. ويتنافس فيها 38 مرشحا، لكن استطلاعات الرأي حصرت التنافس بين 3 مرشحين هم: الرئيس الحالي رانيل ويكريمسينغه (75 عاما)، وزعيم المعارضة في البرلمان ساجيث بيراماداسا (57 عاما)، وزعيم التيار اليساري أنورا كومارا ديسانياكا (55 عاما).
ويقدم ديسانياكا نفسه بديلا عن جميع الأنظمة السياسية السابقة التي يتهمها بالفساد وإيصال البلاد إلى حافة الهاوية بتدميرها اقتصاديا واجتماعيا والإساءة إلى سمعتها عالميا.
وفي حين يتعهد زعيم المعارضة بيراماداسا بإصلاحات جذرية، ويتكئ في شعبيته على إرث والده الذي اغتيل على أيدي منظمة نمور التاميل عام 1993، يعتبر الرئيس الحالي نفسه منقذا للبلاد من أزمتها الاقتصادية والسياسية.
تغيير جذري
وفي حين حذر الرئيس السريلانكي رانيل ويكريمسينغه من توقف برنامج الإصلاح الاقتصادي حال خسارته الانتخابات، تعهد ديسانياكا بتغيير جذري في نظام الحكم إذا وصل إلى السلطة.
وتوقّع المرشح اليساري انتقالا سلسا وهادئا للسلطة، وقال بعد إدلائه بصوته في العاصمة كولومبو، صباح اليوم، إنه يدعو الرئيس الحالي ويكريمسينغه إلى تسليم السلطة تجنبا لأية آثار سلبية. وقد تصدر المرشح اليساري استطلاعات الرأي باعتباره الأوفر حظا بين أبرز المتنافسين في الانتخابات الرئاسية.
ويرى العديد من المراقبين أن الانتخابات الرئاسية الحالية تأخذ منحى الاستفتاء على النخبة السياسية، لا سيما إذا ما فاز ديسانياكا، وأن القضايا الاقتصادية ومسألة العنصريّة تتصدران أجندة المرشحين.
وتأتي هذه الانتخابات بعد عامين من أزمة اقتصادية خانقة وضعت البلاد على شفا الإفلاس وأطاحت بحكم عائلة راجاباكسا، وبعد استغلال عنصري واسع لهجمات عيد الفصح التي تعرضت لها البلاد عام 2019 وأدت إلى مقتل وإصابة أكثر من 900 شخص.
ورغم أن عائلة راجاباكسا، قدمت نامال ابن الرئيس السابق ماهيدا راجاباكسا للمنافسة، فإن استطلاعات الرأي عشية الانتخابات أخرجته من السباق. ويعزو كثير من المحللين السياسيين تراجع حظوظه إلى استمرار السخط الشعبي على سياسات العائلة التي أدت إلى انقسامات عرقية ودينية وتدهور اقتصادي غير مسبوق.
مشروع الإصلاح
من ناحية أخرى، يعتبر كثيرون الرئيس الحالي ويكريمسينغه امتدادا لحكم راجاباكسا، إلا إن وزير الخارجية والعدل علي صبري دافع عنه بالقول إنه يتقدم للانتخابات بصفته مستقلا، “ويعود للرئيس الحالي الفضل في إخراج عائلة راجاباكسا من المسرح، وأنقذ البلاد من أزمتها الاقتصادية والعنصرية”.
ويشير الوزير بذلك إلى الاتفاقيات المبرمة مع صندوق النقد الدولي منها حزمة إنقاذ بـ3 مليارات دولار وقعت العام الماضي وتنتظر التنفيذ.
ويرى صبري أن الرئيس الحالي، الذي احتل منصب رئيس الوزراء 6 مرات خلال أكثر من 4 عقود من حياته السياسية، الأجدر بولاية رئاسية جديدة، ويعود له الفضل في بث الحديث عن الوحدة ونبذ الفرقة على أسس دينية أو عرقية أو مناطقية خلال الانتخابات.
وفي رده على الاتهامات الموجّهة للأنظمة السياسية المتعاقبة بالفساد وسوء الإدارة، قال وزير الخارجية والعدل إن الرئيس يملك مشروعا للإصلاح ويحارب الفساد، وسياسة التحول إلى التصدير في الاقتصاد.
وقلّل من شأن الانتقادات الموجهة للرئيس وسياساته السابقة بالقول “ليس من الضرورة إقناع الجميع في النظم الديمقراطية، بل يكفي اقتناع الأغلبية”.
وفي إشارة إلى حالة الفوضى التي شهدتها البلاد قبل عامين، قال صبري إن الناس يقارنون تلك الحقبة بالأمن غير المسبوق الآن في تاريخ الانتخابات السريلانكية. وبحسب تعبيره، فإن الاستقرار أصبح ممكنا بما فعلته حكومة الرئيس ويكريمسينغه.
فلسطين حاضرة في الانتخابات
من جهة أخرى، يؤكد كثير من ساسة سريلانكا أنها المرة الأولى التي تدخل فيها القضية الفلسطينية على ملف الانتخابات في سريلانكا، وتبنى جميع المرشحين أفكارا منددة بالحرب التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني وتطالب بتمكينه من حق تقرير المصير.
واعتبر وزير الخارجية في حديث للجزيرة نت، أن دعم القضية الفلسطينية محل إجماع شعبي ورسمي. وقال إن سريلانكا أيدت قرار الجمعية العمومية الأخير في الأمم المتحدة القاضي بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية، وأضاف “نحن ندعم فلسطين ونواصل دعمنا لحق الشعب الفلسطيني وندين انتهاكات إسرائيل في الأراضي المحتلة”.
وشدد على وجوب وقف إطلاق النار وتحقيق حل الدولتين لإنهاء الصراع، وأردف بأن سريلانكا فخورة بهذه السياسة وستستمر بها حتى يتحقق للفلسطينيين الاستقلال والسيادة وتقرير المصير.