ثقافة وفن

التشكيلي العراقي عبد العزيز الدهر..هل هي عودة لمعارض الألوان المائية المنحسرة؟

خنساء العيداني
اقام كاليري حامد سعيد معرضا شخصيا للألوان المائية للفنان التشكيلي العراقي عبد العزيز الدهر، وقد تضمن المعرض 35 لوحة مائية بقياسات متعددة، فكانت للطريق الثقافي جولة في المعرض التقينا فيها مع عدد من المهتمين والنقاد بالفن التشكيلي والبصْري منه على وجه الخصوص.
كتب الناقد التشكيلي والفنان خالد خضير الصالحي عن المعرض: “لا يعاني عبد العزيز الدهر من نظرة استنكاف قد يحملها رسامون كثر ومفادها ان الألوان المائية؛ ما هي الا وسيلة مؤقتة، او مرحلة انتقالية (سكيج) لأجل انجاز لوحة بالوان اكثر (قيمة) وديمومة، واعتقد ان ما دفع الدهر الى ادمان الألوان المائية وسيطا نهائيا لإنتاج العمل الفني عدة أسباب جمالية وعملية؛ فعلاوة على ان الألوان المائية جميلة وحيوية وشفافة وذات طاقة تعبيرية، فإنها عمليةٌ في إعدادها وتنظيفها، وهي ميسورة التكلفة، وسريعة الجفاف، وتنسجم بشكل جيد مع الوسائط الأخرى لإنتاج اعمال متعددة المواد، فالألوان المائية تعلمك أن تكون متعمدًا وقصديا ولا تضع الفرشاة الا بمكانها تماما” التقينا الصالحي في صالة المعرض فقال:
“اعتبر افتتاح معرض شخصي خاص وبالألوان المائية حدثا لأن معارض الالوان المائية قد انحسرت، ولأنها برايي، تشكل فرصة للفنان ذاته ليثبت بانه قادر على ممارسة هذا النمط من الرسم الصعب، ويثبت قدرته في الهيمنة على مادته؛ فالرسم بالألوان المائية يشابه لعبة الشطرنج التي لا يمكن فيها التراجع عن نقلة انجزتها، فهنا لا يمكن التراجع عن أي ضربة لونية، وهو مكمن صعوبة الالوان المائية بالدرجة الأولى، وان الطبيعة الشفافة هي اهم الخصائص الصعبة، وهو ما يعطي الالوان المائية تعبيريتها الخاصة التي تجعلها مختلفة عن الالوان الزيتية والوان الاكريليك، وان عبد العزيز الدهر على الرغم من تسجيله لبعض وقائع ومعالم البصرة الا ان التسجيلية لم تكن هدفه مطلقا؛ فاللوحة عنده، رغم تحقيقها الجانب التسجيلي فهي تمتلك خصائصها الداخلية كلوحة؛ فالمهم عنده كيفية رسم هذه الوقائع وليس الوقائع بحد ذاتها، يشكل هذا المعرض اضافة نوعية لمنجز عبد العزيز الدهر؛ وقد تكون اضافة سواء كانت كبيرة او صغيرة الى ارث الالوان المائية سواء كان هذا كانت هذه الاضافة صغيرة او كبيرة”.
وتحدث الفنان الدهر عن معرضه فقال:
“المعرض تراكمات لسنوات عديدة وتجارب عديدة واعتبره مهما لان معارض الالوان المائية في العراق انحسرت كثيرا منذ ما بعد السبعينات على حساب التقنيات الاخرى والمواد الأخرى، ونحن في (جمعية الالوان المائية العراقية) نقيم نشاطات ومطبوعات وفعاليات متعددة بهدف المحافظة على هذا الفن الجميل الذي يتميز بالشفافية والقدرة على تسجيل التقاطات يومية سريعة للواقع وللطبيعة، وبشكل مسيطر عليه من خلال عين مدربة ويد حاذقة، واجد قضية اتقان المنظور واحدة من اهم المؤهلات التي يجب ان يتمتع بها رسام الالوان المائية، وطبعا علم المنظور هو علم الى الهندسة التي هي حقل دراستي، اكثر مما ينتمي الى حقول أخرى، فقد درسته كمهندس، بإتقان ساعدني كثيرا في رسم لوحات مضبوطة هندسيا، وهذا الاتقان قضية جدا حساسة وضرورية في رسم الالوان المائية لان الاخطاء لا يمكن تصحيحها في الالوان المائية التي لا يوجد فيها اول، ولا يوجد فيها أخير، فاللوحة هي الاولى وهي الأخيرة”.
وتحدث الفنان حامد سعيد عن المعرض فقال:
“الدهر فنان متميز وله بصمة واضحة في الفن التشكيلي في البصرة، ويطرق هنا جانبا اخر من جوانب الابداع الفني هو الالوان المائية من خلال اعمال واقعية ملتصقة باليوم وبالطبيعة، واعتبر حضور هذه الاعداد الغفيرة للمعرض مباشرة ودون دعوة، وبشكل عفوي، هو دلالة على حيوية البصرة، وعلى وجود جمهور متعطش للثقافة في هذه المحافظة، وان هذه المعارض وسيلة لانتاج وتربية جمهور جديد متابع للابداع في الفن التشكيلي، ونحن نراهن على استقطاب الجمهور الواسع ليكون متابعا للفن التشكيلي”
وتحدث الفنان عبد اللطيف السمحان عن المعرض فقال:
“الفنان الدهر قدير وواع، وعنده احساس عال، وعنده قدرة تكوين عالية في انجاز الاعمال الفنية بمختلف موادها، وقد واكبنا انتقالاته، واعماله الغفيرة، واعتبره واحدا من اهم الرسامين القادرين على تسجيل اللحظة السريعة بالالوان المائية”.
واعتبر الفنان عيسى حسن ان اللمسة المتميزة والمعروفة وما يسجله عن الطبيعة هي اهم سمات تجربة الدهر بالألوان المائية.
ووصف الناقد هاشم تايه اعمال الدهر المائية جميلة وجاذبة وتشهد له بالمقدرة والبراعة والمهارة واستثمار طاقة اللون المائي بمدياته القصوى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى