الفنانان سعدون والعزاوي في معرض مشترك يجمعهما في برلين

متابعة المدى
تضيف برلين في احدى قاعاتها المعرض المشترك للفنانين عبد الكريم سعدون، ويونس العزاوي، والذي حمل عنوان (حقول القوى) والمعرض يبدأ من 25 نيسان لغاية 23 آيار. وهو اللقاء الثاني بين الفنانين بعد معرض (مهرجان الخريف) الذي أقيم العام الماضي في النمسا
عبد الكريم سعدون كما يقول الناقد صلاح بوسريف: كريم سعدون كان وَاحِداً من هؤلاء، بما يعنيه ذلك من حِسٍّ فَنِّيّ طُفُولِيّ، جعل خيالاته تكون أصيلةً، بقدر ما تنبُع من بساطة الألوان وما يَنْجُم عنها من أشكال واستيهاماتٍ، بقدر ما ينجم عنها من غُموض، وطاقة تأويلية فيها من الثراء الفَنيّ الجمالِيّ، ما لا يمكن حَصْرُه في عَمَل دون غيره. فكريم سعدون، كُلّ أعماله، وهي، في شَذْرِيَاتِها الفنية، بدل أن تكتفي بالرسم أو التصوير، تنزل إلى قاع اللاوعي الجمعي للحضارات والثقافات الإنسانية البعيدة، وكأنَّ كريم، وهو يَحْفُر خلفيات أعماله، يتهجَّى لُغاتِ ورسومات وأطيافِ الماضين، لِيُفَكِّك ما تنطوي عليه من رسائل، وهذا ليس بغريب عن كريم الذي هو ابن حضارة السومريين والبابليين والآشوريين، حضارة بلاد ما بين الرافدين.
المُتأمِّل في أعمال كريم سعدون، سيَبْدُو له أنها أعمال قديمَة، تَكادَ تَـمَّحِي، أو يَخْفُتُ اللون والشَّكْل فيها. وهذا الـمَحْوُ، مقصودٌ في أعمال الفنَّان، فهو يُعَتِّق أعماله، تماماً كما تُعتَّق الخَمْرَةُ، التي لا يكون سُكْرٌ دون ما يَثْوِي فيها من الزَّمن.
أعمالٌ لا تُسْتَفَد، رغم ما يبدو فيها من فراغاتٍ، وحتَّى ما امْتلأ منها، يفرض على العين أن تَنْحَنِيَ أمام فراغاتها التي هي امْتِصاصٌ للامْتِلاء. وهذه، في ظَنِّي، بين خبايا اللغة الفنية لكريم، ولِما يتميَّز به عن فنانين عالميين مالُوا إلى عُمْق وغموض أعمالهم، في ما أضْفَوْه عليها من بساطة، مثل الرسَّام الكتالوني، خوان ميرو.
وعن الفنان يونس العزاوي يقول الناقد علي قاسم: لن أستغرب أن يقال إن العزاوي يتعمد الإبهار. ولكن، كيف لفنان يمتلك كل هذه الأحاسيس ألا يبهرنا؟ العزاوي لا يتعمد الإبهار، لأنه فنان مبهر حقا. فنان يهجر أعماله قبل أن تكتمل، وكأنما يقول لنا: أكملوا ما بدأته معتمدين على أنفسكم، أنا مشغول عنكم بأعمال أخرى علي أن أنجزها، ليس لدي ما يكفي من الوقت لأصطحبكم إلى نهاية المشوار.
يحرص العزاوي على الإمساك بيدنا مسافة تكفي للتأكد من ثبات خطواتنا. يتركنا بعدها نكمل المشوار في عوالمه الفنية المدهشة، عوالم يحتار المرء في تصنيفها.
ليس بأسلوبه الذي جمع بين كوكبة فناني نهاية القرن التاسع عشر ونظرائهم في بدايات القرن العشرين، فقط، يحيي العزاوي فترة يصعب أن تتكرر، بل أيضا بطريقته في اختيار ثيابه وفي اختياره للرفقة وفي سلوكه الداندي. وهذا وحده يكفي لإطالة الحديث عنه.
