المهنة تعاني من دمار وانهيار
متابعة/ المدى
في ظل الاعداد الهائلة، رأت نقابة أطباء الأسنان في العراق، اليوم الجمعة، أن مهنتهم باتت أمام “عجز كبير” جراء زيادة أعداد قبول طلبة السادس الاعدادي في الكليات والجامعات الطبية ليفوق عدد الخريجين منه الحاجة الفعلية للبلاد.
وعزا نقيب أطباب الاسنان أبو بكر الراوي، في مؤتمر صحفي، ما وصلت إليه المهنة من “دمار وتصدع وانهيار” الى سوء التخطيط لسنوات متعاقبة في فتح كليات طب الأسنان، وزيادة أعداد القبول فيها.
وأضاف أن “ذلك بان أثره اليوم في عجز الحكومة عن تطبيق قانون التدرج الطبي النافذ لتعيين اطباء الاسنان خريجي العام 2023، وما تبعه من إرباك حكومي لتدارك الأزمة آنياً مع عطف هذا الحال على مصير آلاف الخريجين المرتقبين في السنوات المقبلة”.
وتابع الراوي، “اليوم يقف اطباء اسنان العراق محتجين على من كان السبب، ومناشدين من يهمه الأمر علاج السبب لنطلق الصرخة الاخيرة (..) لإنقاذ هذه المهنة وهي في رمقها الأخير”.
وطالب، بـ”تقليل أعداد القبول في كليات طب الأسنان ابتداء من هذا العام الدراسي 2024 – 2025، وإيقاف استحداث كليات طب اسنان جديدة استنادا الى ما جاء من توصيات لجنة الامر الديواني 92، وتعيين خريجي اطباء الاسنان للعام 2023″.
وبات العراق يُخرِّج سنوياً المئات من طلبة التخصصات الطبية في السنوات الأخيرة بعد السماح لفتح كليات اهلية في هذا المجال، وقد احدث ذلك ازمة في ايجاد درجات وظيفية لهم في المستشفيات والعيادات الطبية الحكومية، في حين أن تعيينهم كان مضمونا ومنتظما قبل العام 2003 وافتتاح تلك الكليات.
وعموما تشهد الكليات الطبية في العراق إقبالا واسعا من قبل خريجي الصف السادس الاعدادي الفرع العلمي لضمان التعيين المركزي فيها على الملاك الدائم للدولة، وهذا ما ألمح إليه مؤخرا رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني.
وعلى الرغم من ارتفاع معدلات القبول في تلك الكليات إلا أن الأسر العراقية تقوم ببذل الكثير من الجهد من الأموال والوقت من اجل إلحاق ابنائها في دورات المعاهد التعليمية الاهلية والدروس الخصوصية والمدارس غير الحكومية في سبيل تحقيق المعدل المطلوب الذي يؤهلهم لدخول تلك الكليات.
وقبل يومين، اصدر مجلس نقابة أطباء الاسنان في العراق، بيانا تحذيريا بشأن زيادة اعداد القبول في كليات طب الاسنان والتي تسببت بزيادة اعداد أطباء الاسنان في العراق.
وقال المجلس انه “تقرر اقامة مؤتمر صحفي احتجاجي على زيادة اعداد القبول في كليات طب الاسنان التي تسببت في زيادة اعداد أطباء الاسنان في العراق فوق الحاجة السكانية الفعلية للبلد”.
واكد انه “سيتم اصدار بيان تحذيري للمواطنين من زج أبناءهم في كليات طب الاسنان للعام الدراسي القادم”.
وفي وقت سابق، خرج عشرات من ذوي المهن الطبية، ومن بينهم متخرجون من كليات الصيدلة وطب الأسنان والتمريض، في مظاهرة ببغداد، مطالبين بتعيينهم في وظائف بالقطاع العام.
وقال شهود إن أكثر من 30 متظاهراً، ومعظمهم من خريجي السنتين الأخيرتين، أصيبوا جراء مصادمات مع عناصر الشرطة ومكافحة الشغب التي طوّقت المكان. وأوضحت أوساط المحتجين أن المئات منهم يعتزمون مواصلة تحركهم أمام مبنى وزارة المالية لحين موافقتها على تخصيص درجات لتوظيفهم.
ويلزم القانون رقم 6 لعام 2000 السلطات بتعيين أصحاب المهن الطبية في المشافي والمؤسسات الصحية حال تخرجهم في الكليات والجامعات. غير أن تزايد أعداد الخريجين في السنوات الأخيرة نتيجة زيادة عدد الكليات الأهلية والحكومية، أصبح عائقاً أمام استيعاب تلك الأعداد وتوظيفها في القطاع العام، ما قد يؤدي إلى بطالة أعداد كبيرة منهم في السنوات المقبلة.
وأصدرت وزارة الداخلية حينها، إيضاحاً حول الأحداث التي رافقت المظاهرات أمام مبنى وزارة المالية، وتحدثت عن وقوع إصابات بين عناصرها.
وقالت الوزارة، في بيان، إن “المتظاهرين أرادوا إغلاق مبنى وزارة المالية وتم منعهم والسيطرة على الموقف”.
وأضافت أن “الأجهزة الأمنية شرعت بواجبها وفق السياقات القانونية وذلك من خلال منع المتظاهرين من غلق أبواب وزارة المالية والطرق القريبة”.
وأكدت وزارة الداخلية أنها “قامت بنشر قطعات الأجهزة الأمنية لسلامة المتظاهرين بعد أن حصلت أعمال شغب أدت إلى إصابة عدد من القوة المنفذة للواجب”.
وتشهد عملية توظيف أفراد الكوادر الطبية في القطاع العام منذ أعوام تعثراً يدفع الكثير منهم للتظاهر بهدف الضغط على السلطات.
وتدعو النقابات الطبية، خصوصاً نقابتي الصيادلة وأطباء الأسنان، الأهالي إلى عدم الدفع بأبنائهم لدراسة هذين المجالين بالنظر لصعوبة الحصول على وظيفة نتيجة الزيادة الكبيرة في أعداد المتخرجين. لكن عائلات كثيرة تصر على الدفع بأبنائها إلى استكمال دراستهم في المجالات الطبية بالنظر إلى ضمان الحصول على وظائف في هذا المجال في السنوات الماضية، علماً بأن تلك الفرص أخذت بالتراجع مع تزايد أعداد المتخرجين.
وقال مصدر قريب من نقابة الصيادلة إن “خريجي هذه الدراسة سيواجهون مشاكل البطالة في السنوات المقبلة في ظل استبعاد حصولهم على وظائف في القطاع العام”.
وأوضح المصدر، الذي فضّل عدم الإشارة إلى اسمه، أن “لدينا نحو 63 كلية صيدلة في العراق موزعة بين حكومية وأهلية، ولنا أن نتخيل الأعداد الغفيرة من الخريجين في هذا الكم الكبير من الكليات. ستكون دوائر الدولة الطبية غير قادرة على استيعاب أعدادهم”.
وتابع المصدر: “لدينا أيضاً متخرجون من جامعات في خارج البلاد، وهذه المشكلة تنطبق إلى حد كبير على بقية المتخرجين من أطباء الأسنان وأصحاب مهن التمريض والتحليلات”.
وأعرب المصدر عن اعتقاده بأن “أعداد الدارسين للطب العام ما زالت غير كبيرة بالمقارنة مع غيرهم، ومع ذلك غالباً ما يتأخر توظيفهم في القطاع العام لأكثر من عام. وإذا لم تتخذ السلطات خطوات جادة في الحد من افتتاح الجامعات، فإنها ستواجه مشاكل جدية خلال السنوات القليلة المقبلة”.
وتتهم أوساط النقابات الطبية جماعات نافذة باستغلال نفوذها ومواردها لافتتاح أعداد كبيرة من كليات الصيدلة وطب الأسنان ومهن طبية أخرى. وسبق أن طالبت معظم النقابات الطبية الحكومة ورئاسة الوزراء بعدم السماح بافتتاح كليات جديدة.