انهيار المفاوضات مع مهاجمي المعسكرات والسوداني: لا تهاون في حماي
وبحسب المعلومات، فان جزءا كبيرا مما كان يطلق عليه اسم “تنسيقية المقاومة” منخرط في “الاطار” ويشارك في الحكومة.
وهذه المجموعة هي من تقود الان حملات التصعيد ضد القوات الامريكية تحت اسماء وهمية.
وكان لافتا في الاسبوع الاخير سكوت زعماء الإطار الشيعي بعد تصريحات وخطابات نارية ضد واشنطن واسرائيل في بداية حرب غزة.
وتفسر مصادر مقربة من الإطار الشيعي ذلك بـ”حساسية الوضع الان في بغداد” بعد تلميحات وتهديدات من واشنطن بسبب استهداف المصالح الامريكية.
ويبدو، بحسب المصادر التي تحدثت لـ(المدى) ان مواقف تلك الزعمات، التي تلتزم الصمت الان، كانت “غير محسوبة واحرجت الحكومة”.
وكان هادي العامري زعيم منظمة بدر، هدد في الاسبوع الاول من ازمة غزة بانه “سيتدخل اذا تدخلت الولايات المتحدة في فلسطين.. لن نتردد بالاستهداف”.
وكذلك قال قيس الخزعلي زعيم العصائب، في الفترة ذاتها بانه “يراقب الاحداث في غزة، مستعدين غير متفرجين”.
ويقول احسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي لـ(المدى) ان “هذه المواقف محسوبة على الحكومة لان المتحدثين يشاركون بالحكم”.
وتوقع الشمري، عقب اعلان الحكومة عن ملاحقة مطلقي الصواريخ، ان القرار “جاء بسبب قناعة السلطات بان العراق صار ساحة لتصفية الحسابات”.
ولم تتوقع بغداد في البداية ان يتصاعد الموقف ضد الولايات المتحدة وتبدأ الفصائل بقصف المعسكرات.
وكانت اكثر التوقعات، طبقا لتصريحات الفصائل، بانها ذاهبة للمشاركة بالحرب من دول مجاورة لاسرائيل مثل سوريا ولبنان.
وبغداد كانت تراهن في البداية على موقفها السابق الذي ابلغته في مفاوضات تشكيل الحكومة للسفارة الامريكية، من ان تلك الجماعات “مليشيات خارجة عن السلطة”.
وبحسب المصادر المقربة من الاطار الشيعي فان “هذا الموقف اضافة الى تعهد بغداد بملاحقة هذه الجماعات، كان كافيا لابعاد شبح العقوبات او المسؤولية عن ما يجري”.
لكن هذه الاوضاع تبدلت الان بعد ان تورطت الفصائل في توجيه 6 هجمات داخل العراق، اخرها كان مساء الثلاثاء ضد قاعدة عين الاسد، بالإضافة الى هجمات في سوريا.
واول امس علّق رئيس الوزراء عقب الهجوم الاخير وكرر كلامه السابق وقال نحن “حريصون على الحافظ على أمن واستقرار العراق وعلى التزاماتنا”.
واضاف في مؤتمر صحفي “أحد هذه الالتزامات وجود قوات التحالف الدولية التي قطعت هذه الحكومة شوطاً مهماً في الحوار حول مستقبل وجودها”.
وشدد على أن “الحكومة معنية باتخاذ الاجراءات الكفيلة بحماية أماكن (التحالف الدولي) تجاه أي اعتداء من أي جهة داخل العراق”، و”التزامنا ثابت إزاء حماية البعثات الدبلوماسية.. ولا تهاون في هذا الأمر”.
وبحسب مواقع امريكية، فان نحو 24 عسكريا أميركيا أصيبوا الأسبوع الماضي في هجمات بطائرات مسيرة على قواعد أميركية في العراق وسوريا.
وقال تقرير لـ”رويترز”، إن الجيش الأميركي يتخذ مجموعة إجراءات جديدة لحماية القوات المنتشرة في الشرق الأوسط في غمرة تصاعد هجمات تشنها جماعات يشتبه أنها مدعومة من إيران.
كما اُخذت الاحداث الى منعطف خطير، بحسب توصيف المصادر الشيعية، حين قلصت واشنطن تواجدها الدبلوماسي، وحذرت كندا مواطنيها من السفر الى العراق.
وبدأت الولايات المتحدة بالضغط على الحكومة، عقب اتصالين من وزيري الخارجية والدفاع الامريكيين برئيس الوزراء محمد السوداني.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية، إن الوزير أنتوني بلينكن حث السوداني على ملاحقة المسؤولين عن الهجمات والتهديدات التي تتعرض لها القوات الأميركية وقوات التحالف في العراق.
وكان السوداني قد اعلن تعهده بحماية المصالح الامريكية، بعد يوم من اعلان ملاحقة منفذي الهجمات على المعسكرات.
لكن الحكومة كانت قد اخذت 6 ايام قبل ان تعلن الموقف الاخير، ووفق المصادر، فان محاولات كانت للتواصل مع الفصائل لثنيها عن الهجوم.
وخلال اليومين الماضيين كان يتوقع ان تجري اجتماعات للاطار الشيعي ثم ائتلاف ادارة الدولة، لكنه لم يحصل ذلك حتى الان.
وترجح المصادر “تصاعد الخلافات الشيعية” مع من يطلق عليهم “تنسيقية المقاومة” التي تبنت تصعيد الخطاب ضد واشنطن.
وهذه المجموعة كان قد اعلن عنها لاول مرة في 2020 ابان اغتيال نائب رئيس الحشد ابو مهدي المهندس، والجنرال الايراني قاسم سليماني.
وكانت “التنسيقية” التي تضم اغلب الفصائل المعروفة والمشاركة بعضها الان في الحكومة، قد اعلنت في 2020 تأجيل هجوم متوقع على المصالح الامريكية لـ”فسح المجال امام الجهود السياسية”.
وبعد اعلان البرلمان في ذلك الوقت قرار اجلاء القوات الامريكية في عهد حكومة عادل عبد المهدي السابقة، تراجع خطاب المجموعة حتى جاء مصطفى الكاظمي.
وبدأت “التنسيقية” في حكومة الكاظمي ماقبل الاخيرة، تتدخل في كل التفاصيل حتى تلك المتعلقة بازمة تشكيل الحكومة بعد انتخابات 2021.
وذهب مراقبون الى ربط تسمية “تنسيقية المقاومة” بالمجموعة السياسية التي ظهرت بعد ذلك تحت اسم “الاطار التنسيقي”.
في غضون ذلك يعتبر غازي فيصل وهو مدير المركز العراقي للدراسات الستراتيجية، مجموعة الفصائل في العراق المتورطة باستهداف المعسكرات بانها “دولة عميقة”.
ويقول في مقابلة مع (المدى) ان هذه المجموعة “تؤثر على القرار السياسي والاقتصادي، وتدير شبكات من الاعمال غير الشرعية من تهريب النفط والسلاح”.
ويضيف “هذه الفصائل تعمل ضمن سياسات واوامر وفتاوى الولي الفقيه الايراني والحرس الثوري، وهي في حالة حرب مع امريكا”.
ويؤكد فيصل وهو دبلوماسي سابق، ان “الحكومة لا تسيطر على جزء كبير من تلك الفصائل والتي يبلغ عددها 30 فصيلاً التي تستخدم الاراضي العراقية لتصفية الحسابات مع الغرب”.
وعن وجهة النظر الامريكية، يرى الدبلوماسي السابق ان “واشنطن تميز بين الاصدقاء والاعداء في العراق”.
ويرجح ان تصدر الولايات المتحدة قائمة عقوبات بحق زعماء فصائل او تجري “تصفية جسدية” كما حدث مع سليماني.