ايتمار بن غفير: نتنياهو يتلقى توصية “لإعادة النظر” في منصب وزير الأمن القومي وسط اتهامات بـ”تسيس الشرطة”
- Author, محمود عدامة
- Role, بي بي سي نيوز عربي
تجدد الجدل بشأن وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، بعدما دعت المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى “إعادة النظر” بشأن “وضع” بن غفير، قائلة إنه “يُسيِّس قوة الشرطة من أجل خدمة مصالحه الشخصية”.
وفي رسالة وجهتها إلى نتانياهو، اتهمت بهاراف ميارا، الوزير ذا التوجهات اليمينية المتشددة، بأنه يتدخل بشكل متكرر ومستمر، في الشؤون العملياتية للشرطة ويُسيس الترقيات في صفوفها.
وأشارت إلى أن مستقبل مئات الضباط في الشرطة الاسرائيلية وترقياتهم معلقة برغبة الوزير، الذي اعتبرت أنه يستخدم صلاحياته، فيما يخص التعيينات والإقالة “بشكل مرفوض”.
وعلى الفور، علَّق بن غفير عبر منشور له على حسابه على منصة إكس، بالقول، إن “محاولات الانقلاب” قد بدأت، مُطالباً نتانياهو بإقالة المستشارة القضائية، معتبراً أن الإقالة الوحيدة، التي يجب أن تُنفذ هي إقالتها، لأنها تريد “إسقاط الحكومة”، على حد تعبيره.
انتقادات لـ “صمت الائتلاف”
وكانت المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، قد امتنعت في الماضي، عن تأييد مطالبات عديدة، تدعو إلى إقالة بن غفير، منذ توليه منصبه الوزاري، العام الماضي.
ولكنها في رسالتها الأخيرة، التي قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن نائبها سلمها لمسؤول في مكتب نتانياهو، اعتبرت بهاراف ميارا أن الأدلة الحالية، تشير الى أن بن غفير، يؤثر ويتدخل بشكل مرفوض، في عمل قوة الشرطة.
وحذرت بهاراف ميارا في رسالتها، من أن “صمت الائتلاف الحكومي”، يُعتبر دعماً لنهج بن غفير، الذي يقود حزب “القوة اليهودية” الديني القومي. وبرغم صغر الحزب، فإنه يوصف بأنه ذو دور نافذ، في أوساط الائتلاف الحاكم في إسرائيل.
“مهرج تيك توك”
وفي وقت لم يصدر فيه تعليق فوري من جانب ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية على هذه الخطوة من جانب المستشارة القضائية، وصف زعيم المعارضة يائير لابيد عبر منشور له على موقع “إكس”، بن غفير، بـ “مهرج التيك توك الفاشل”.
واتهم لابيد بن غفير بتدمير الشرطة الإسرائيلية، وقال إن فترة توليه منصبه الوزاري شهدت “أرقاماً قياسية للهجمات والكوارث”، معتبراً أن الوزير اليميني “يلتقط الصور ويغرد كعارضات الأزياء على منصة انستغرام، بينما تحترق الشوارع ويُقتل المدنيون”. وأكد أن نتانياهو يعرف أن من واجبه إقالته.
رسالة المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية بشأن وزير الأمن القومي، جاءت في وقت كُشِفَ فيه النقاب في الولايات المتحدة، عن أن 88 من أعضاء الكونغرس الأمريكي من الديمقراطيين، وجهوا رسالة إلى الرئيس جو بايدن، يطالبونه فيها بفرض عقوبات على بن غفير ووزير المالية اليميني المتشدد بتسلئيل سموتريتش، قبل مغادرته البيت الأبيض.
وبحسب وسائل إعلام أمريكية، اتهم المُشرِّعون الوزيريْن الإسرائيلييْن، بتحريض مستوطنين إسرائيليين على العنف في الضفة الغربية.
ولكن من غير الواضح إذا ما سيكون هناك أي استجابة في المستقبل لطلب أعضاء الكونغرس في ظل تقارير تتحدث عن معارضة الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن لأي خطوة من هذا النوع.
علاقة غير جيدة
ويقول المحامي الإسرائيلي في مجال القانون العام يوفال يواز، وهو أيضاً مؤسس منظمة “حارس الديمقراطية” غير الربحية المعنية بتعزيز الديمقراطية ومبدأ المساواة أمام القانون في إسرائيل، إن هناك مشكلة في حكومة نتانياهو، تتلخص في أن المستوى السياسي في السلطة التنفيذية، أي أعضاء الحكومة، ليسوا على علاقة جيدة بالمستشارة القضائية، على حد تعبيره.
وأشار يواز، في مقابلة مع “بي بي سي”، إلى أنه منذ تقديم منظمات ومراكز حقوقية أربعة التماسات إلى المحكمة العليا تطالب بإقالة بن غفير قبل شهور، لم تتمكن المستشارة القضائية وفريقها من إعداد رد على هذه الالتماسات، من أجل تقديمه إلى المحكمة.
واعتبر أن ذلك هو ما حدا بالمستشارة القانونية لتوجيه رسالتها إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية مساء الخميس، لـ “عرض الحقائق أمامه بشأن الطريقة التي تصرف بها بن غفير كوزير، وعضو في الائتلاف الحكومي”.
وأوضح يواز أنه عندما يتم تقديم التماس إلى المحكمة العليا في إسرائيل، يتعين على المستشارة القضائية للحكومة بحكم منصبها، أن تتولى وفريقها مسؤولية الادعاء.
من جهته، يرى المحامي حسن جبارين مدير مركز “عدالة” الحقوقي في مدينة حيفا في تصريحات لـ “بي بي سي”، أن الرسالة الأخيرة لميارا، جاءت بعد “تراكمات وخطوات عديدة، قام بها بن غفير، في إطار محاولات للسيطرة على الشرطة”، وتحويلها إلى “جسم سياسي ينتمي إلى اليمين المتطرف”.
واعتبر جبارين، أن الرسالة تُفسر من الناحية السياسية، بأنه طلب بإقالة بن غفير، ولكن القرار يظل في النهاية بيد رئيس الحكومة.
ورجح ألا يستجيب نتانياهو لهذه المطالبة، قائلاً إنه ليس بوسع المستشارة القضائية، إجبار رئيس الحكومة على إقالة وزير الأمن القومي، وأشار إلى أن رسالتها تأتي في “إطار التوصية”.
رسالة جريئة.. وأزمة دستورية
في الوقت نفسه، قال المحامي والخبير القانوني في القدس محمد دحلة لبي بي سي، إن رسالة المستشارة القضائية “جريئة”، مضيفاً أنها قد تكون تمهيداً من جانبها، لإعطاء رأي في الالتماسات التي قدمت للمحكمة العليا الإسرائيلية، لمطالبة نتنياهو بعزل بن غفير من منصبه.
وأعرب دحلة عن اعتقاده بأن موقف المستشارة القضائية للحكومة، يمثل دعما لهذه الالتماسات، ويعزز إمكانية اتخاذ المحكمة العليا قراراً يُلزم نتانياهو بذلك، ما سيؤدي في هذه الحالة إلى نشوب “أزمة سياسية ودستورية كبيرة”.
ويرى الخبير القانوني أن نتنياهو يرفض إقالة بن غفير بسبب تعلق استقرار حكومته ببقاء زعيم حزب “القوة اليهودية” فيها، وبالتالي “سنصل إلى مرحلة إلزام رئيس الوزراء بعزل وزير عن منصبه” على حد قوله.
وأضاف دحلة بالقول إن حدوث أزمة دستورية على هذه الشاكلة، سيقود لتبعات على مستوى الشارع الإسرائيلي، والاحتجاجات الشعبية التي يشهدها بين الحين والآخر، بين ما وصفه بـ “المعسكر الداعم للمحكمة العليا والجهاز القضائي والنيابة العامة وسلطة القانون، والمعسكر المناصر للانقلاب القضائي الدستوري”، على حد تعبيره، مرجحاً أن يقود ذلك إلى “ذروة جديدة” من النزاع بين المعسكرين.
بيان استثنائي للائتلاف الحكومي
وبالتزامن مع الضجة التي أثارتها رسالة المستشارة القضائية حول بن غفير، أصدر قادة الائتلاف الحكومي في إسرائيل بياناً مشتركاً، أعلنوا فيه رفضهم لأي محاولة لإعلان عجز نتانياهو عن أداء مهامه، بسبب إدلائه المرتقب بشهادته أمام المحكمة في ملفات وقضايا فساد.
واعتبر البيان، الذي وصفه مراقبون بـ “الاستثنائي” وقالوا إنه لم يكن ليصدر سوى بموافقة نتانياهو أو ربما بطلب منه، أن مثل هذا الإعلان سيكون بمثابة “انقلاب”.
ويخشى مقرّبون من رئيس الحكومة الإسرائيلية، أن يمثل انشغاله لساعات طويلة خلال مثوله المقرر أمام القضاء في الشهر المقبل، ذريعة للمستشارة القضائية لعزله من منصبه.
وكانت المحكمة المركزية في إسرائيل، قد رفضت قبل أيام، طلبا لنتانياهو بتأجيل الإدلاء بإفادته أمام القضاة إلى فبراير/شباط من العام المقبل، بدعوى “انشغاله بالحرب”، وهو ما يعني أنه سيتعين عليه المثول أمامها في الموعد المحدد لتلك الإفادة، في الثاني من الشهر القادم.
وبحسب المراقبين، ربما يمثل ذلك البيان مؤشراً على شعور رئيس الحكومة الإسرائيلية بتصاعد الخطر على منصبه، بسبب التحقيقات الجارية في هذه القضايا، المرفوعة منذ أربع سنوات تقريباً.