بين هجمات تركية وأخرى امريكية.. العراق يبحث عن سيادته!
واضاف، أن “عدد الخروقات التركية بلغت طيلة السنوات الماضية، اكثر من 22 الف خرق آمني للجانب التركي تجاه الحدود العراقية، في الوقت الذي قدم العراق اكثر من 16 الف مذكرة احتجاج، الا ان القوات التركية مستمرة بين فترة وأخرى بممارسة الاعتداءات”.
بينما أعلنت الدفاع الأمريكية في بيان سابق قصفها لثلاثة مواقع في العراق تستخدمها فصائل موالية لإيران حسب قولها، مشيرة إلى أن الهجوم ردّ على هجوم وقع قبل ساعات وأدّى إلى إصابة ثلاثة عسكريين أمريكيين بجروح، بينما أفاد مصدر حكومي، يوم الجمعة الفائت، بأن طائرات تركية نفذت غارات جوية على معاقل تابعة لمسلحي حزب العمال الكردستاني في منطقة قضاء العمادية شمال دهوك، وأن قرية رزيكي تعرضت للقصف أربع مرات متتالية، دون معرفة الخسائر الناجمة عن الهجوم.
وفي 11 تموز من العام المنصرم، قال رئيس الأركان الإيراني محمد باقري إن بلاده ستستأنف الهجمات على إقليم كردستان العراق في حال “لم تفِ بغداد بالتزاماتها بشأن الجماعات المسلحة”، وأمهل الحكومة العراقية أيام لنزع أسلحة الأحزاب الكردية الإيرانية المناوئة لطهران.
من جانبها، أدانت الحكومة العراقية، في يوم الثلاثاء الفائت استهداف القوات الأمريكية مواقع عسكرية في البلاد، ووصفته بأنه “فعل عدائي واضح ومساس مرفوض بالسيادة العراقية”.
محللون بينوا إن دول عديدة منخرطون بشكل متزايد في صراع على مستقبل العراق، والسؤال الذي يلوح في الأفق حول الأعوام القادمة، هو ما إذا كانت التركيبة السياسية العراقية ستكون قادرة على تعزيز السيادة العراقية في سياق التنافس الجيوسياسي الحالي.
المساس بالسيادة
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، قال: إن بلاده ماضية باتجاه إنهاء وجود التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في البلاد، وذلك بعد أيام من ضربات أميركية لمواقع عراقية عدّتها بغداد “عدائية ومساسا بالسيادة”.
وقال السوداني خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإسباني بيدرو سانشيز في بغداد، إنه تطرق بشكل مفصل خلال لقائه مع سانشيز للحديث عن وضع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، مشيرا إلى دور التحالف وإسبانيا في دعم جهود العراق بمواجهة تنظيم الدولة.
وأوضح أن الحكومة العراقية في طور إعادة ترتيب العلاقة في ظل قوات عراقية متمكنة، مؤكدا أنها ماضية باتجاه إنهاء وجود قوات التحالف الدولي في العراق.
فيما شددت الحكومة العراقية على أن التصعيد الأخير الذي شهدته البلاد، بما يتعلق بالهجوم الأمريكي على منطقة جرف النصر، موضحة بانه “خطير وفيه تجاوز مرفوض لسيادة العراق”.
ويستمر هجوم الصواريخ والمسيرات المفخخة من قبل فصائل مسلحة على قواعد أمريكية متواجدة في العراق وعلى حدوده منذ تاريخ بداية الحرب في غزة مما يجعل القوات الامريكية تقوم بعمل غارات لمواقع المفاصل بدورها كرد اعتبار على قصف قواعدها في البلد.
وقال عضو اللجنة، علي نعمة، اليوم الثلاثاء، في حديث تابعته (المدى)، إن لجنته “استضافت وزير الدفاع، والعديد من القادة الامنيين، بالإضافة الى وزير الخارجية لمناقشة ملف الاعتداءات التركية على شمال العراق”، مؤكدًا “الخروقات التركية تمارس على العراق منذ 1987 الى يومنا الحالي”.
وأكد عضو لجنة الأمن النيابية، “ضرورة وجود موقف عراقي صارم بحق تركيا، وحفظ الحدود المشتركة معها، باعتبار ان اغلب الحدود العراقية مع دول الجوار مؤمنة بشكل تام”.
انتهاك وصمت حكومي
وفي وقت سابق، عد عضو مجلس النواب، محمد الصيهود، بناء القواعد التركية شمال العراق “أمر لا يمكن السكوت عنه”، وفيما أكد قدرة الحكومة على التعامل مع المواقف التركية، أشار الى الخيارات المطروحة امام العراق.
ويثير التدخل التركي في العراق تساؤلات ومخاوف عدة، في ظل إنشاء قواعد عسكرية كبيرة في مناطق مختلفة شمال العراق، وسط صمت حكومتي بغداد وإقليم كردستان.
بينما يؤكد المحلل السياسي زياد العرار “ان لم تكن قادر على التعامل مع الدول بنظامها فبالتأكيد ستكون هناك اعتداءات”. مشيرا الى، ان “لكل دولة طمع بدولة أخرى، او ما يسمى بالمصطلح العام الحديث بـ “المصالح السياسية”، وما يقوم به جيران العراق مثل تركيا وإيران وحتى الولايات المتحدة الامريكية بعمليات القصف هو انتهاك حقيقي للسيادة العراقية”. عازيا سبب ذلك الى، ان “القرار السياسي لدى العراق متفرق، فالعراق تحكمه الية الزعامات، وهذه الالية تفقد هيبة العراق”.
يضيف العرار في حديث خص به (المدى)، ان “العراق يحتاج ان يكون موحدا في المواقف الاستراتيجية، وان تكون المواقف التي تخص الامن العام وامن الدولة ووضعها بين الدول الأخرى ذات قرار موحد، وان يتخذ البلد خطوات وعلى الأقل ان يتجه نحو المحكمة الدولية والمنظمات الدولية حتى يظهر ما يتعرض له من انتهاكات تمس السيادة العراقية، ويجب ان يكون هناك اجراء نحو تلك الدول بطرق وأساليب شتى”.
ويتابع العرار، انه “يجب تقديم الشكاوى الرسمية ومذكرات الاحتجاج واستخدام كل السبل الدبلوماسية وتلك الضوابط التي ضمنتها القوانين الأممية للدول لحماية سيادتها وعلى الأقل ان يثبت العراق هذه المواقف، فاذا تحرك للقيام بأجراء سيكون حينها هذا الاجراء او الرد مبررا لما يعانيه من انتهاكات على سيادة الدولة”.
موقف هش
وقال عضو لجنة الامن والدفاع النيابية، كريم عليوي، يوم أمس الاحد، إن “هناك توافق بين الحكومة والقوى السياسية في البرلمان على تفعيل جدولة انسحاب القوات الأجنبية كافة وعلى راسها الامريكية”.
وأضاف، ان “لجنة الامن والدفاع ستدعو أعضاء البرلمان للعمل على اصدار قرار ثان يلزم الحكومة بإخراج القوات الامريكية والأجنبية من البلاد”.
وأشار الى، ان “لجنة الامن والدفاع وضعت أهدافا أساسية لعملها للفصل التشريعي المقبل بمقدمتها المطالبة بعقد جلسة خاصة لمناقشة التواجد الأمريكي الذي بات وجوده يهدد السيادة الوطنية”.
بينما أكد عضو مجلس النواب جمال كوجر، ان “مجلس النواب تحرك سابقا باتجاه ملف الهجمات المتكررة على العراق، وبالتحديد على ملف القصف التركي القصف الإيراني على محافظة السليمانية، وأيضا ملف القصف الأمريكي لأكثر من مرة، لكن القرار النهائي بهذا الموضوع يعود للحكومة وليس للبرلمان لكون الأخير صوته واضح جدا في هذا الامر، ولديه مواقف على جميع الهجمات والاعتداءات التي حدثت وتحدث”.
ويضيف كوجر في حديث خص به (المدى)، ان “لكل دولة لها سيادتها ولديها العودة لمجلس الامن ولديها أوراق ضغط داخلية وخارجية تجاه أي دولة تعتدي على البلاد”. مشيرا الى، ان “العديد من أوراق الضغط التي يمتلكها العراق تكون كفيلة بالضغط على الدول المعتدية منها المصالح المشتركة بين الدولتين، والمصالح الاقتصادية”. مبينا، ان “وضع العراق ضعيف وهش مما يجعله غير قابل للرد عسكريا تجاه أي اعتداءات من قبل أي دولة على سيادته وامنه”.
يشار الى ان القوات الامريكية القتالية المتواجدة في الأراضي العراقية تستمر بخرق السيادة وممارسة الاعتداءات المتكررة، وسط عدم مساندة الكتل السياسية التي تطالب بتطبيق القرار الذي صوت عليه مجلس النواب السابق بإخراج جميع القوات الامريكية، بينما تقوم القوات التركية بحجة “تحييد” عناصر من حزب العمال الكردستاني بتكثيف ضرباتها الجوية في مناطق متفرقة من أطراف إقليم كردستان العراق.