“حرب السودان: أمام البلاد خياران: الحوار السياسي أو الانهيار الشامل”– الشرق الأوسط
على الرغم من اهتمام الصحف العالمية بالعديد من الأحداث السياسية المهمة والانتخابات الحاسمة التي تشهدها بعض الدول في الشرق والغرب، لكن لم يغب عنها الحديث عن حرب غزة المستمرة منذ تسعة أشهر، وكذلك الصراع العسكري في السودان.
ونبدأ جولتنا من صحيفة الشرق الأوسط، ومقال لوزير الإعلام السوداني السابق، فيصل محمد صالح، الذي يتوقع أن يشهد السودان الفترة القادمة تحولات كبيرة.
وقال الوزير السابق في مقاله إن الحرب في السودان وصلت إلى نهايتها المنطقية، ولم يعد أمام البلاد سوى “خيارين لا ثالث لهما”، فإما اتفاق لوقف إطلاق النار، يسبق حواراً سياسياً حول مستقبل البلاد، وإما “الانهيار الشامل والدخول في متاهة لا يمكن التنبؤ بعمقها ولا احتمالات الخروج منها”.
وأوضح صالح أن القوات المسلحة السودانية تشهد “حالة انهيار”، مضيفاً أن المناطق العسكرية “تتساقط مثل قطع الدومينو”، أمام “احتلال” قوات الدعم السريع للمدن والقرى بوتيرة متسارعة.
وأشار المقال إلى الهجمات التي شنتها قوات الدعم مؤخراً على مدينة سنار الاستراتيجية وسنجة والدندر والمزموم وكبري دوبا، إلى جانب ولايتي دارفور وكردفان.
وقال صالح إن كل تلك المواقع، ما عدا جبل موية، لم تشهد قتالاً حقيقياً، “بل كانت قوات الجيش تنسحب من المناطق دون قتال”، ما يثير علامات استفهام لدى السودانيين.
وأعرب الوزير السابق عن دهشته من المقاطع المصورة التي تُظهر استيلاء قوات الدعم على العتاد العسكري والأسلحة والذخائر الخاصة بالجيش السوداني بعد انسحابه، معللاً ذلك بانخفاض أو غياب الروح المعنوية وكذلك القيادة والتخطيط.
وأرجع المقال السبب إلى تسييس القوات المسلحة لعقود طويلة لصالح حكم الحركة الإسلامية، ما دفع نحو “التخلص من الضباط المؤهلين واستبدالهم بأهل الولاء بغض النظر عن الكفاءة”، مشيراً كذلك إلى انشغال المؤسسة العسكرية بالأنشطة الاقتصادية والصناعية عن الاهتمام بالتجنيد والتدريب والتأهيل.
وقال الوزير السابق إن الفرصة كانت أمام الجيش “لإصلاح كل ذلك” مع سقوط النظام القديم وقيام مؤسسات الحكم الانتقالي. لكن وبدلاً من ذلك، قرر الجيش تشكيل تحالف مع قوات الدعم السريع لمواجهة السلطة الانتقالية المدنية، ثم الانقلاب عليها.
وانتقد المقال عدم محاولة قيادة الجيش وضع أي تصور لدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة أو تسريحها بطريقة سلمية، “مفضلين مهاجمة المطالبين بحل ودمج هذه القوات، التي قتلت خلال عام ونصف ما بين الانقلاب والحرب أكثر من 150 سوداني في مظاهرات سلمية”.
ويرى صالح أن الطرفين كانا يستعدان للحرب، بتصورات غير واقعية للجيش عن إمكانية “سحق” قوات الدعم في أيام قليلة، قبل أن يتضح أن الجيش الذي عانى من الإهمال لعقود “لم يكن مستعداً ولا جاهزاً”، وأنه تورط في حرب لم يستطع التعامل معها.
وحذر المقال من وصول البلاد وليس الجيش فقط إلى حالة “الانهيار الشامل”، إن استمرت حالة الانسحابات وتسليم المدن والمواقع “تسليم مفتاح”، مؤكداً أن قوات الدعم لا تستطيع إدارة البلاد في نهاية المطاف، ما يعني “انحلال وتلاشي الدولة السودانية الموحدة”.
“حزب الله بين الحاجة إلى رد عنيف والرغبة في تجنب حرب شاملة”
ننتقل من السودان إلى غزة، ومقال بصحيفة “هآرتس”، يؤكد على أن الطريق الذي تسلكه إسرائيل لإقناع حزب الله بوقف إطلاق النار، يتوقف على التوصل إلى اتفاق مع حماس بشأن قطاع غزة.
في هذا المقال، يرى كبير المراسلين العسكريين للصحيفة الإسرائيلية، آموس هاريل، أن تحركات السلطات العسكرية الإسرائيلية على الحدود مع لبنان، تتناقض مع ما يقال عن سعي إسرائيل نحو صفقة في غزة.
وأشار المقال إلى اغتيال إسرائيل عدداً من قيادات حزب الله في لبنان، ما رد عليه حزب الله بعدة صواريخ وهجمات مسيرة استهدفت الجليل والجولان وبحيرة طبريا.
وعلى الرغم من إشادة البعض بالقدرات الاستخباراتية للجيش الإسرائيلي في تنفيذ تلك العمليات، إلا أن المقال يدعو للنظر في التداعيات الاستراتيجية لمثل هذا العمل، لاسيما خلال محاولة “خلق فرصة حقيقية” للمضي قدماً نحو صفقة الرهائن ونهاية الحرب.
ويرى المقال تلك العمليات في إطار “المعارك بين الحروب” وهو مفهوم كان سائداً خلال العقد السابق، بحسب المقال الذي يصف الجيش الإسرائيلي والاستخبارات بأنهما لا يزالان “أسرى” له.
وفق هذا المفهوم، كانت إسرائيل تفتخر بقدرتها على تنفيذ عمليات دقيقة، استناداً إلى معلومات استخباراتية، ما كان يؤثر سلباً في نظرها على قوة خصومها ويثنيهم عن مواصلة العمل.
ويضع المقال عمليات الاغتيال في إطار “الرد التكتيكي الانفعالي”، مشككاً في أن تساعد على استعادة الهدوء أو تعزيز أمن سكان منطقة الجليل أو مرتفعات الجولان.
واستعان المقال بتحليل الدكتور شيمون شابيرا، الخبير في شؤون حزب الله، الذي يرى أن الفصيل اللبناني عالق في معضلة بين “الحاجة إلى رد عنيف على الاغتيال، سيكون محسوساً نسبياً في عمق إسرائيل، والرغبة في تجنب حرب شاملة”.
وأضاف شابيرا أن “كل عمل هجومي للحزب يقربه من عتبة الخطر”، ومن وجهة نظر حزب الله، فإن أي دخول للجيش الإسرائيلي إلى لبنان يعادل إعلان حرب شاملة”.
الشباب في بريطانيا يتوقون إلى الأمل
وتصل جولتنا الصحفية في ختامها إلى بريطانيا التي شهدت فوزاً ساحقاً لحزب العمال في الانتخابات العامة، وتعيين زعيمه كير ستارمر رئيسًا للوزراء، الجمعة، منهيًا حقبة شهدت إدارة خمسة قادة مختلفين من المحافظين للبلاد.
ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقالاً لإيزابيل بروكس، الصحفية الشابة، التي تقول إن جيلها لا يتذكر آخر مرة كان فيها حزب العمال في السلطة، معربة عن “كرهها للسياسة” منذ عهد رئيس الوزراء العمالي جوردون براون.
وتوضح بروكس أنها وجيلها “فقدوا الإيمان”، وباتوا يشعرون باللامبالاة تجاه السياسة والانتخابات، بسبب “ضآلة التغيير” الذي قد تُحدثه في حياتهم، بعد أن شهدوا “انحداراً مستمراً” في البلاد.
وتقول الصحفية إن السنوات الأربع عشرة الماضية لم تشهد سوى رؤساء وزراء محافظين يتركون وراءهم “فوضى أكبر من التي بدأوا بها عهدهم”، حتى لم يعد جيلها يعرف سوى تدابير “التقشف”.
ويتطرق المقال إلى ما وصفته كاتبته بـ”الفوضى” و”الانهيار” على كل المستويات، مستعينة بإحصاءات تقول إنه في عام 2008، اعتقد 12 في المئة من الناس أن الشباب سيكونون أسوأ حالاً من آبائهم؛ والآن زادت النسبة لتصل إلى أكثر من 40 في المئة.
وانتقد المقال سياسة رئيس الوزراء السابق ريشي سوناك الداعمة “دائماً” لبنيامين نتنياهو والأمن الإسرائيلي “حتى بعد مقتل 14 ألف طفل”، هذا بالإضافة إلى “أزمة الإيجار” و”حالة الطوارئ المناخية”.
وتابع المقال بأن السياسة الدولية لبريطانيا لم توفر “مرساة للأمل أو الحياة الطبيعية”، موضحة أنها لم تشارك في التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي نظراً لصغر سنها آنذاك.
وقد كشفت دراسة أجريت عام 2020 عن أن الأجيال الأصغر سناً في جميع أنحاء العالم الغربي “أكثر استياءً بسبب الأداء الديمقراطي بالمقارنة بكبار السن”، ما عزاه الباحثون إلى “الفجوة المتزايدة بين الأجيال في فرص المعيشة”.
وتشككت كاتبة المقال في أن ينتهز حزب العمال الفرصة الحالية ويقوم بعملية “إعادة هيكلة جذرية للدولة”، مضيفة أن ذلك يورث شعوراً لدى الشباب بالإحباط الشديد، في إطار بحثهم عن شيء يؤمنون به، إذا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
وأشارت بروكس إلى أن العديد من الشباب باتوا بمعزل عن حزب العمال في السنوات الأخيرة، بسبب ما وصفته بـ”نهجه الجبان تجاه فلسطين والبيئة والاقتصاد، وموقفه الوحشي من الشرطة وحقوق العابرين جنسياً”.
وحذرت بروكس من أن استمرار حزب العمال في “عرض المشهد القديم الممل”، لن يثير اهتمام الناس بالسياسة الرسمية، وبالتالي ستستمر حكومة حزب العمال في مسارها دون تأثير كبير، مواصلة ما سارت عليه الأمور في البلاد على مدى السنوات الأربع عشرة الماضية، بل وربما تمهد لما هو أسوأ.
Source link