شبان أيزيديون نجوا من داعش يشكون الإهمال في الموصل
تناولت صحيفة التايمز البريطانية قصة ثلاثة شباب مراهقين كان تنظيم داعش الإرهابي قد اختطفهم عندما كانوا أطفالاً اثناء اجتياحه لقضاء سنجار بمحافظة نينوى وتعرضوا لمصاعب ومعاناة تحت حكم داعش ورغم مرور ثمان سنوات على تلك الحادثة فانهم يشكون الان الإهمال
ولم يتلقوا المساعدة التي يحتاجونها. وتشير الصحيفة في تقرير الى أن “هؤلاء الشباب قبل سنوات قليلة مضت كان تنظيم داعش قد زجهم في صفوف المسلحين واجبرهم على حمل السلاح عندما كانت أعمارهم تتراوح ما بين 8 الى 10 سنوات وزجهم في معارك بعد اعطائهم حبوب مخدرة”.
وأضاف التقرير، أن “قسماً منهم شاهد ابيه اثناء اعدامه وفقد أصدقاء لهم وتعرض لجروح اثناء الغارات الجوية، وآخرين ما تزال امهاتهم واخواتهم في عداد المفقودين”.
وأشار، إلى أن “فرهاد 20 عاماً، الذي تمنى يوماً ان يكون لاعب كرة قدم، وفقد قدمه اليمنى خلال قصف اثناء اسره الذي دام لأربع سنوات، يقول: “تم تسليط الضوء على معاناة النساء فقط، اما معاناتنا نحن الشباب فلم يعلم بها أحد، ما حدث للنساء حدث معنا أيضا، ولكننا لم نتلق أية دعوة لمؤتمرات أو تهتم بنا أية بلدان أخرى.”
وتقول محامية حقوق انسان من منظمة العفو الدولية مختصة بشؤون الأطفال في مناطق القتال نيكولا ولدمان، إن “هؤلاء ضحايا منسيين من ضحايا داعش”.
وتابعت ولدمان، أن “الأطفال الذين تم اجبارهم على حمل السلاح قد عانوا من مصاعب نفسية لا يمكن تصورها، وانهم يواجهون كثيرا من التحديات، وعلى الرغم من مرور ثمان سنوات الان فانهم لم يتلقوا المساعدة التي يحتاجونها.”
وأكد التقرير، أن “قاسم عمر، تمكن من تفادي اختطافه لأنه كان في سيارة أخرى، ويمثل مجموعة من 18 شاباً في مخيم كبرتو بإقليم كردستان، بضمنهم شقيقه الأصغر آلو الذي اختطف وهو بعمر 12 عاما”.
ويتحدث عمر بحسب التقرير عن “تعرضهم إلى مصاعب كثيرة وغسل دماغ واجبارهم لخوض معارك، ومع ذلك لا أحد يعلم بقصتهم، وأنهم تعرضوا لمصاعب نفسية عميقة ولكن تم تجاهلهم من قبل الحكومة والمنظمات غير الحكومية الأخرى، فتجدهم يجلسون في خيمهم ليل نهار.”
ومع تزايد الاخبار عن محاولات تنظيم داعش لإعادة تنظيم صفوفه، أوضح التقرير، أن “قسماً يتخوف من احتمالية ان يشعر هؤلاء الشباب انه لا خيار لهم سوى العودة”.
ويقول مراد إسماعيل، أحد نشطاء منظمة (يازدا) المعنية بشؤون الايزيديين، إن “الأمر قد يكون سيئا جدا إذا لم يتلق هؤلاء الشباب المساعدة، وانا لا أظن ان الشباب الايزيديين لهم رغبة بالعودة الى داعش، ولكن في الحقيقة هناك خطورة.”
وبين التقرير، أن “الشهر القادم ستحل الذكرى السنوية الثامنة منذ ان اجتاح مسلحو داعش منطقة سكن الايزيديين في سنجار حيث قتل الالاف من الرجال مع اختطاف وأسر آلاف آخرين من فتيان ونساء وفتيات”.
وتابع، أن “ما لا يقل عن 3 آلاف ايزيدي قد تم قتلهم واختطاف 7 آلاف اخرين في جريمة صنفتها الأمم المتحدة والبرلمان البريطاني على انها جريمة إبادة جماعية ضد الأقلية الايزيدية، ما يزال هناك 3 آلاف شخص آخر في عداد المفقودين، بضمنهم والد قاسم وشقيقه آلو، مع احدى اخواتهم أيضاً”.
وشدد التقرير، على ان “طفلاً ايزيدياً يدعى صدام كان من بين الذين تم اختطافهم في ذلك اليوم بتاريخ 3 آب 2014، كان يبلغ من العمر في حينها 12 عاماً، ويستذكر انه استيقظ من النوم على صوت صراخ، ويقول: هرعت الى السطح لأرى الفوضى العارمة.”
وتابع، ان “صدام أكد أنه تم اسره هو مع والديه واقتيادهم الى مبنى مدرسة في بلدة تلعفر، حيث تم فصل الأولاد عن الفتيات، ويستذكر قائلاً: لقد قتلوا والدي لأنه رفض نبذ معتقده ودينه.”
إلى ذلك، يقول الشاب آلو، “كانت أحد أسوأ لحظات حياتي، كانت لديهم لحى طويلة وسراويل قصيرة ومدججين بالأسلحة، لم أر مثل هؤلاء الناس من قبل.” وأردف التقرير، أن “آلو يذكر انه تم اقتياد الأولاد الى الموصل حيث تم اجبارهم على تعلم القرآن، وأفاد: قالوا لنا سنقتلكم إذا لم تعتنقوا الإسلام، كانوا يضربوننا بالعصي والخراطيم المطاطية وغالبا ما كانوا يعرضوننا للجوع، لقد تم استعبادنا وجعلونا نقاتل ونحمل السلاح، وكانت كل معركة أشارك فيها أتوقع التعرض للموت.”
ويعود الشاب صدام ليقول، “اخبرونا بان الأشخاص الذين نحبهم هم كفار وعلينا ان نقتلهم، كنت مرتعبا جدا لأنها اول مرة احمل فيها سلاح، وكنا بعيدين عن عوائلنا ولا نعلم فيما اذا كانوا احياء او لا.” وذكر التقرير، أن “تنظيم داعش وبينما بدأ بالهزيمة وطرده من الأراضي التي كان يسيطر عليها، تمكن آلو من الاتصال بشقيقه قاسم، الذي دفع مبلغ 10 آلاف دولار لمهرب من اجل إخراجه”.
وأضاف، أن “صدام بقي مع داعش لحين المعركة الأخيرة في قرية باغوز بسوريا عام 2019 حيث هزم داعش من آخر معقل له هناك”.
وبين صدام، “عندما سمح داعش لبعض عوائله بالهروب، قمت بتغطية رأسي بوشاح وذهبت معهم، ثم وجدت نقطة تفتيش لمقاتلين اكراد وقلت لهم انا ايزيدي، زودوني بطعام وماء واتصلوا بعائلتي ولكنني لم أتمكن من العثور على أي أحد.”
ويسترسل التقرير، أن “صدام يعيش مع أبناء عمومته وان 13 فردا منهم يعيش في خيمتين، وبالنهاية اكتشف بان والدته ما تزال على قيد الحياة وأنها هاجرت الى كندا مع اشقائه واخواته، ولم يتمكن لحد الان من الحصول على فيزا للالتحاق بهم، ويقول ان حلمه هو ان يلتقي بوالدته من جديد حيث يفتقدها كثيراً”.
وذهب التقرير، إلى أن “جميع هؤلاء الشباب يعانون من ذكريات مريرة صعبة، ورغم ان فرهاد حصل على قدم صناعية فانه بحاجة الان لرعاية صحية وتلقي علاجات فورية لأنه يشعر بآلام لا تجعله ينام”.
ونبه، إلى أن “هيثم الذي تم اختطافه وهو بعمر 11 عاماً يقول: نشاهد كثيرا من المنظمات تقدم الرعاية للفتيات وتساعدهم في تخطي مصاعبهم النفسية وتعمل لهم مشاريع، اما نحن فليس هناك من يعتني بنا.”
أما صدام فأنه يقول “ليس لدي عمل الان ولا مدرسة، لقد تم اختطافنا ونحن بالمدرسة الابتدائية، وإذا رجعنا للمدرسة الان فسنجلس مع أطفال هم في الثانية عشرة من عمرهم، نحن نشعر بالغضب؛ لأنه ليس هناك أحد ممن يهتم بنا وبأوضاعنا.” وأشار التقرير إلى أن “الحكومة العراقية كانت قد مررت العام الماضي قانون الناجين الايزيديين الذي يفترض بموجبه ان يتلقى ضحايا داعش تعويضات ولكن لحد الان لم يتم إقرار موازنة او تشكيل حكومة”.
ومضى التقرير، إلى أن “المجتمع الدولي بينما كان سريعا في استجابته لما يحصل في أوكرانيا حيث يجري التحقيق في اول جريمة اغتصاب حصلت هناك بعد خمسة أشهر فقط من بدء الحرب، فان محكمة قضائية واحدة فقط حصلت لحد الان لإنصاف ما تعرض له الايزيديون منذ ثمان سنوات”.
عن: صحيفة التايمز البريطانية
ترجمة: حامد أحمد