عندما أنقذوني رأيت أختي في الماء ميتة – DW – 2024/9/12
“الله وحده يعلم كيف نجوت”، يقول المهاجر الإريتيري، بعد نجاته وغرق أخته ذات الـ18 عاما، والذي كان قد حاول العبور إلى المملكة المتحدة عبر المانش إلا أن قاربهم غرق وتوفي إثر ذلك 12 شخصا، عشر نساء ورجلين اثنين ونصفهم قصّر، من بين نحو ستين شخصا صعدوا على متنه تم إنقاذ 51 منهم اثنان لا يزالان بحالة خطرة.
كان المستقبل ينتظرها
وكان بنيام سماي (34 عاما)، قد عاد إلى الأرض الفرنسية، بعد محاولته هذه، لكن هذه المرة دون أخته الصغيرة “الجميلة قلبا وقالبا” والتي “كان المستقبل ينتظرها”، حسبما قال لوكالة الأنباء الفرنسية بغصة وحرقة.
على بعد بضعة كيلومترات من كاب غريس نيز، تدهور الوضع بسرعة، “في أربع أو خمس دقائق، دُمر القارب بالكامل وغرق، وكان جميع الناس يكافحون من أجل البقاء وفقدنا الكثير من الناس”، يكمل سماي.
ويضيف بصوت مرتجف “كنت أمسك بيدها عندما حدث ذلك، حاولت أن أجد شيئاً أتمسك به، لكن الأمواج دفعتني بعيداً عنها (…) ثم وصل قارب الإنقاذ، وعندما أنقذوني، رأيت أختي في الماء وكانت ميتة بالفعل”. ويتابع “الله وحده يعلم كيف نجوت (…) أنا مرهق جدا”.
ويقول أكسل باهو (25 عاما)، الصياد في مدينة بولوني سور مير، والذي تم استدعاؤه من قبل عمليات الإنقاذ والمركز الإقليمي “عندما وصلنا، لم يكن هناك أي قارب آخر، وكان على وشك الغرق”. وبينما كانت سفينة الإنقاذ تنتشل الناجين، “التقطنا سترات النجاة، وحقائب الظهر والأمتعة الشخصية، ثم انتهى بنا الأمر بالوقوع على جثث الموتى”.
ووفقا لإيمانويل أحد الناجين من إريتيريا وكذلك اثنين من الناجين الآخرين، كانت قوارب الإنقاذ الأولى التي وصلت إلى هناك أصغر من أن تستوعب المهاجرين الستين.
وظلت حصيلة غرق السفينة مستقرة عند 12 حالة وفاة يوم الأربعاء، وهي الأكبر في القناة منذ تلك التي أودت بحياة 27 مهاجرا في تشرين الثاني/نوفمبر 2021. ولا يزال شخصان في المستشفى، وفقا لمكتب المدعي العام في مدينة ليل في الشمال.
وتم نقل الجثث إلى معهد الطب الشرعي في ليل للتعرف عليها.
ودعت المدافعة عن حقوق الإنسان كلير هيدون إلى “ضمان رعاية ومراقبة الناجين، وخاصة الأطفال، بشكل عاجل”. وإلى “إعادة توجيه عميقة لسياسات اللجوء والهجرةالوطنية والأوروبية”.
وأشار مدير المكتب الفرنسي للهجرة والاندماج (Ofii)، ديدييه ليسكي، لقناة “فرانس إنفو” إلى أنه سيُعرض على ضحايا غرق السفينة “تقديم طلب لجوء في فرنسا ولكن ليس من المؤكد أن طلبات لجوئهم في فرنسا سوف تُقبل”.
تكريم لأرواح الضحايا
ويُعلن عن تجمع مساء اليوم الجمعة تكريما لأرواح الضحايا على رصيف غامبيتا في مدينة بولوني سور مير شمال فرنسا، نظمته جمعية “أوسموس 62” في مكان يرمز للمعاهدات المبرمة بين فرنسا والمملكة المتحدة للحد من تدفق المهاجرين.
وسيكون هذا التكريم الثاني بعد الذي جرى مساء الأربعاء والذي تجمع فيه حوالي مئة شخص في كاليه المدينة الساحلية في الشمال، وكان من بينهم عدد قليل من الناجين من غرق القارب يحملون الشموع في أيديهم ووجوههم تحمل علامات الحزن والغضب.
ووسط الحشد، وقف ناشطون ومهاجرون وأشخاص من المنطقة جنبا إلى جنب، صامتين. البعض يمسح دموعه والبعض الآخر يعبر عن غضبه. وكُتب على إحدى اللافتات “وفيات على الحدود، دول مذنبة، 30 عاما من صب الزيت على النار من اليمين المتطرف”.
وفي قائمة طويلة لأسماء الأشخاص الذين ماتوا منذ نهاية التسعينيات في محاولة عبور المانش، كتبت على لافتة طولها عدة أمتار نشرتها الجمعيات على الأرض، تُركت فراغات مقابل تاريخ 3 أيلول/سبتمبر، لتسجيل أسماء المتوفين الجدد.
وتقول منسقة مشروع منظمة “أطباء بلا حدود” فيروز العجيلي: “نحن غاضبون، ومتأثرون كثيرا، خاصة أنه بالنسبة لنا كان من الممكن تجنب هذه الوفيات”، مُدينة تعزيز ضوابط الشرطة، التي تدفع المهاجرين إلى تحمل المزيد من المخاطر.
لم يتبقى سوى إنكلترا
ويقول أمانويل، الناجي الإريتري، إنه متأكد من أنه لن يحاول العبور مرة أخرى.
ومن ناحية أخرى، يخطط محمد الله لمحاولة العبور مرة أخرى قريباً. ولم يكن على متن القارب الذي غرق يوم الثلاثاء. وأوضح أنه قادم من أفغانستان هرباً من طالبان، وكان يود البقاء في فرنسا لكنه لم يتمكن من الحصول على الأوراق اللازمة.
يقول وهو يرفع ذراعيه في لفتة قدرية “لا أعرف ماذا أفعل بعد الآن، لم يتبق سوى إنكلترا”.
في اليوم التالي لغرق القارب هذا، حاول عدد من المهاجرين الانطلاق من شواطئ ويميريكس بالقرب من انطلاق القارب الذي غرق إلى الشمال من بولوني سور مير، أثناء قيام الشرطة بدوريات مراقبة على الشاطئ.
وتقول الجمعيات والمنظمات الحقوقية إن السياسات المتبعة للحد من الهجرة “غير نافعة” ولا تثني المهاجرين عن محاولات العبور هذه. إضافة إلى أن وزير الداخلية المستقيل جيرالد دارمانان اعترف في لقائه الصحفي قرب موقع الغرق بصعوبة ضبط هذا الوضع وبأن هؤلاء المهاجرين “غالباً ما يذهبون للانضمام إلى أسرهم (…) ولا شيء يستطيع أن يقف أمام رغبتهم هذه”.
العام الأكثر دموية
وسجل عدد قياسي من عمليات العبور غير الشرعية خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2024، بحسب السلطات البريطانية التي أحصت الثلاثاء وصول 21,615 مهاجرا بالقوارب عبر المانش انطلاقا من السواحل الفرنسية منذ كانون الثاني/يناير.
وغرق السفينة الثلاثاء، بعد سلسلة حوادث أخرى خلال الصيف، يجعل من عام 2024 العام الأكثر دموية في القناة الإنكليزية منذ أن اكتسبت ظاهرة المعابر غير الشرعية زخما على هذا الطريق في عام 2018.
مهاجر نيوز 2024
رنا الدياب