ماذا يعني تعليق ألمانيا لم الشمل لأصحاب الحماية الثانوية؟ – DW – 2025/4/11

لطالما كان لمّ شمل الأسر للمستفيدين من الحماية الثانوية محورا للنقاشات السياسية المتكررة في ألمانيا، ففي عام 2015، مُنح الحاصلون على الحماية الثانوية حق استقدام الزوج أو الزوجة والأبناء أو الوالدين. لكن بعد عام واحد فقط، تم تعليق لمّ الشمل.
ومنذ عام 2018، أصبح بإمكان عائلات الحاصلين على الحماية الثانوية الانضمام إليهم مجددا، لكن ضمن حد أقصى لا يتجاوز ألف تأشيرة شهريا.
وفي 9 أبريل/ نيسان الجاري أعلنت الحكومة الألمانية المقبلة، المكوّنة من الاتحاد المسيحي بشقيه الاتحاد المسيحي الديمقراطي وشقيقه الأصغر الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري ومن والحزب الاشتراكي الديمقراطي، ضمن اتفاقها الائتلافي، عن نيتها تعليق لمّ شمل الأسرللمستفيدين من الحماية الثانوية لمدة عامين.
ما عدد حالات لمّ الشمل في العام الماضي؟
في عام 2024، أصدرت السفارات الألمانية حوالي 120 ألف تأشيرة لغرض لمّ الشمل. من بينها، مُنحت نحو 28,300 تأشيرة لأشخاص من دول منشأ لجوء، على النحو التالي:
سوريا: نحو 20 ألف تأشيرة.
إيران: 4.400 تأشيرة.
أفغانستان: 2.600 تأشيرة.
العراق: 1300 تأشيرة.
كم عدد تأشيرات لمّ الشمل للمستفيدين من الحماية الثانوية؟
في عام 2024 تم إصدار نحو 12,000 تأشيرة لأقارب أشخاص حاصلين على الحماية الثانوية. وبين عامي 2018 و2024، بلغ إجمالي هذه التأشيرات حوالي 58,400 تأشيرة، وهو ما يعادل نحو 8٪ من إجمالي تأشيرات لمّ الشمل الصادرة خلال هذه الفترة. وتقول إحصائيات الحكومة الألمانية إن أكثر من 80٪ من هذه التأشيرات مُنحت لأقارب مواطنين سوريين.
يُذكر أنه يعيش في ألمانيا حاليا حوالي 351,400 شخص حاصلين على الحماية الثانوية. ويُمنح هذا النوع من الحماية للأشخاص الذين يواجهون خطرا جسيما في بلدهم الأصلي، ولا يستطيعون أو لا يرغبون في طلب الحماية من سلطات بلدهم بسبب هذا التهديد.
ما مدة إقامة الحاصلين على الحماية الثانوية في ألمانيا؟
تُظهر الإحصاءات المتعلقة بالحاصلين على الحماية الثانوية في ألمانيا أن معظمهم لا يتمكنون من العودة إلى بلدهم الأصلي لعدة سنوات. فأكثر من نصفهم – ما مجموعه 187,194 شخصا – يعيشون حاليا في ألمانيا منذ ست سنوات أو أكثر.
وبناءً على ذلك، تم تعديل الإطار القانوني في بداية عام 2024، إذ لم يعد اللاجئون فقط، بل أيضا الحاصلون على الحماية الثانوية، يحصلون عند الاعتراف بهم على تصريح إقامة لمدة ثلاث سنوات مباشرة، بدلا من سنة واحدة كما كان متبعًا سابقًا بالنسبة للحماية الثانوية.
ماذا يعني تشتت الأسر وافتراقها بالنسبة للهجرة غير النظامية؟
“عندما لا يُسمح لأفراد الأسرة بالالتحاق بطريقة نظامية، يجد كثيرون أنفسهم مضطرين إلى اللجوء إلى طرق غير نظامية”،
يشرح الدكتور بنيامين إتسولد من المركز الدولي لدراسات النزاع في بون. يبحث إتسولد منذ سنوات في أوضاع الأسر التي فرقتها الهجرة القسرية، وأجرى العديد من المقابلات مع لاجئين حول موضوع لمّ شمل الأسرة.
ويقول الخبير الألماني في هذا السياق: “المنطق واضح إذا نظرنا إلى البُعد الإنساني في هذا الموضوع: العائلات تريد أن تكون معا، وفراق الطفل أو الأبوين أو الشريك يصعب تحمّله، بل يمكن أن يكون تجربة صادمة للشباب. وإذا لم توجد طرق قانونية للالتحاق بهم، فسيبحث الناس عن طرق بديلة”.
كيف يمكن أن ينعكس افتراق الأسرة على الاندماج ومعدلات الجريمة؟
تؤكد العديد من الدراسات على العبء النفسي الذي تُشكله فُرقة الأسرة على الأفراد. فإذا لم يتمكن اللاجئون من إحضار أفراد عائلاتهم، فإن ذلك يُصعّب عملية اندماجهم في البلد الجديد. “لمّ شمل الأسرة له معنى واضح من الناحية السياسية الخاصة بالاندماج،
لأن القلق المستمر بشأن أفراد العائلة يعرقل الاستقرار النفسي، ويجعل من الصعب التركيز على تعلم اللغة أو البحث عن عمل”،
كما يقول البروفيسور فينفريد كلوت، رئيس لجنة الخبراء المعنية بالاندماج والهجرة.
في عام 2018، حظيت دراسة باهتمام كبير، أشارت إلى أن لمّ شمل الأسرة يمكن أن يُساهم في خفض معدلات الجريمة بين اللاجئين. وبالنظر إلى الجرائم التي يرتكبها شباب لاجئون من الذكور، أشار مدير الدراسة كريستيان بفيفر إلى غياب الشريكات أو الأمهات في حياتهم.
أما أستاذة علم الجريمة البروفيسورة جينا فولينغر، التي تعمل في مجال أبحاث الجريمة لدى الأجانب والعلاقة بين الهجرة والجريمة، فتوضح أن نتائج الدراسة لا تعني بشكل مباشر أن لمّ شمل الأسرة يُقلل من الجريمة، بل إن ذلك يبقى فرضية مستندة إلى نتائج البحث.
ومع ذلك، فإن الأبحاث في علم الجريمة تُظهر بشكل عام أن الارتباط الأسري يُعد عاملا يُقلل من احتمالية الجنوح الإجرامي.
“وهنا تتفق الأبحاث: الأشخاص الذين يعانون من الوحدة أو الاندماج الاجتماعي الضعيف أو الإحباط، هم أكثر عرضة لارتكاب الجريمة من أولئك الذين يتمتعون بروابط أسرية واجتماعية قوية. الاستفادة من تربية الوالدين أو تحمّل الفرد للمسؤولية التربوية يُقلل من احتمالية الانخراط في الجريمة. ومن ثَمّ، فإن فصل العائلات يزيد من خطر السلوك الإجرامي بشكل عام”، كما تقول فولينغر.
ما هو الوضع القانوني؟
يُسمح للأشخاص الحاصلين على حق اللجوءواللاجئين المعترف بهم باستقدام الزوج أو الزوجة والأطفال القُصّر (وللقاصرين غير المصحوبين بذويهم استقدام والديهم)، وذلك بغض النظر عما إذا كانوا يمتلكون دخلا كافيا أو سكنا مناسبا. ويجب عليهم تقديم طلب لمّ الشمل في غضون ثلاثة أشهر من تاريخ الاعتراف بهم كلاجئين.
ولا يستند هذا الحق فقط إلى قانون الإقامة الألماني، بل أيضا إلى الضوابط الأوروبية بشأن لمّ شمل الأسرة. ولذلك، لا يمكن لدول الاتحاد الأوروبي تعليق حق لمّ الشمل للاجئين من طرف واحد.
أما بالنسبة للحماية الثانوية، فالوضع مختلف: توجيه الاتحاد الأوروبي بشأن لمّ شمل الأسرة ينطبق فقط على اللاجئين، وليس على الحاصلين على الحماية الثانوية. وبالتالي، فإن منح حق لمّ الشمل للحاصلين على الحماية الثانوية ومدى هذا الحق يعتمد على ما يقرّره المشرّع الوطني في كل دولة.
ومنذ أغسطس/ آب 2018، يسري في ألمانيا نظام يُحدّد منح 1,000 تأشيرة شهريا لأقارب الحاصلين على الحماية الثانوية.
هل يُسمح قانونيًا بتعليق لمّ شمل الأسرة للحاصلين على الحماية الثانوية؟
رغم أن تعليمات الاتحاد الأوروبي بشأن لمّ شمل الأسرة لا تنطبق على الحاصلين على الحماية الثانوية، فإن المشرّع الوطني ليس حرا بالكامل في تحديد الحقوق التي يمنحها لهؤلاء الأشخاص، لأن لمّ الشمل يمسّ حقوقا ينصّ عليها كل من الدستور الألماني (المادة 6 من القانون الأساسي: حماية الزواج والأسرة)، واتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية التي صدّقت عليها ألمانيا (المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان: احترام الحياة الخاصة والأسرية).
وكانت المحكمة الدستورية الاتحادية قد قررت بالفعل في عام 1987 أن جميع المسائل المتعلقة بلمّ شمل الأسرة يجب أن تُقيّم استنادا إلى الحق الأساسي في حماية الأسرة الوارد في المادة 6 من الدستور الألماني.
وعلى المستوى الأوروبي، حكمت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في عام 2021، في قضية تتعلق بلمّ شمل أسرة شخص حاصل على الحماية الثانوية في الدنمارك، بأن التعليق الكامل للمّ الشمل لهؤلاء الأشخاص غير مسموح به: فالدول يمكنها أن تستثني لمّ الشمل لمدة عامين، لكن بعد ذلك، يجب عليها دراسة كل حالة بشكل فردي.
مهاجر نيوز
