موسيقى الاحد: جولة موسيقية في هامبورغ
ثائر صالح
الجزء الرابع
صالة ألبفيلهارمونيه
تمتلك مدينة هامبورغ صلاحيات الولايات الألمانية، فهي، إلى جانب برلين وبريمن، واحدة من الولايات الألمانية الستة عشرة. لذلك يكون عمدة المدينة بمنصب رئيس وزراء، وتكون البلدية مسؤولة عن كل جوانب الحياة بما فيها الحياة الموسيقية للمدينة وضواحيها حيث يسكن أكثر من خمسة ملايين شخص.
أبرز معالم المدينة الآن هو صالة الموسيقى المسماة ألبفيلهارمونيه (Elbphilharmonie نسبة إلى نهر الألبه الذي بنيت المدينة عنده)، وهي المركز الموسيقي لفرقة راديو شمال ألمانيا الفيلهارمونية (NDR Elbphilharmonie Orchestra). افتتحت البناية التي تطل على الميناء في 11 كانون الثاني 2017 وتمثل قمة التكنولوجيا المعاصرة في العمارة والتصميم. أنشأت الصالة التي صممها معماريان من سويسرا فوق بناية مبنية من الآجر كانت مخزناً في الأصل شُيّد سنة 1963، وجرى تطويرها وتحويلها إلى واحدة من عجائب العالم المعاصر بإضافة العديد من الطوابق فوق البناية الأصلية بواجهات زجاجية تبلغ مساحتها 16 ألف متر مربع، وتوّجت البناية بسقف متموج كأنه أشرعة سفينة ليصبح رمزها وشعارها. وهي تضم فندقاً وشققاً سكنية راقية ومكاتباً ومرآب سيارات يتسع لـ 433 سيارة وثلاث صالات للموسيقى. الصالة الكبرى هي أكبرها بسعة 2098 شخص يجلسون على “شرفات” أو مدارج تتوزع حول المسرح، وهو التصميم المسمى “مزرعة الكروم”. تليها في الحجم صالة الحفلات التي يبلغ عدد مقاعدها 550 مقعداً، وهي مصممة بالتصميم الكلاسيكي المسمى “علبة الأحذية” كناية عن أبعاد القاعة التي تشبه علب الأحذية. وهناك قاعة ثالثة تسع 170 شخص تستعمل لأغراض تعليمية.
زيارة البناية متعة بحد ذاتها. فالطابق الثامن – ويُعرف بألبفيلهارمونيه بلازا – حيث توجد مداخل القاعات الموسيقية مفتوح أمام العامة، فيه مقاه ومطاعم وشرفة تمتد حول البناية يمكن منها رؤية المدينة من كل الاتجاهات ويصعد إليه الزائر عن طريق درج كهربائي فريد من نوعه، فهو مقوّس وليس درجاً كهربائياً معتاداً ينقل الإنسان إلى الطوابق الأعلى بزاوية واحدة.
الصالة الكبرى إنجاز أكوستيكي (نسبة إلى الأكوستيكا، علم الصوت) بارز، فقد غطى المصمم الياباني ياسوهيسا تويوتا جدران جدران وسقف القاعة بقرابة 10000 قطعة مصنوعة من الجبسوم والألياف الزجاجية مصممة بعناية لتوجيه الموجات الصوتية من أجل الحصول على نوعية صوت بجودة عالية، وهي نفس التقنية المستعملة في صالة الحفلات. ويخدم القاعة نظام تهوية بكفاءة عالية يحافظ على درجة حرارة ونسبة رطوبة ثابتة بغض النظر عن امتلاء القاعة بالناس أم لا، وهذا هو أحد الشروط الأساسية للحفاظ على الأدوات الموسيقية الحساسة التي تتأثر بتغير الحرارة والرطوبة بشكل كبير، وتجنيب المغنين الصعوبات التي يسببها تغير الرطوبة والحرارة. إذ توجد فتحة تهوية تحت كل كرسي من الكراسي الموجودة في القاعة، بينما تمتد شبكة من أنابيب التهوية يصل طولها عدة كيلومترات. كما صممت المقاعد بطريقة مبتكرة حتى تمتص الموجات الصوتية، فلا يوجد فرق في نوعية الصوت إن كانت المقاعد مشغولة بالمستمعين أم لا.