نصف مليون كلب سائب في العراق.. قلق يراود الطلبة قبيل بدء العام الدراسي
مع قرب بدء العام الدراسي في العراق، يتخوف الكثير من الأهالي من تعرض أطفالهم – خاصة الذين في المرحلة الابتدائية – عند ذهابهم صباحا إلى المدارس، إلى هجمات الكلاب السائبة التي تنتشر في الشوارع والطرقات وقرب المدارس والمحلّات السكنية والدوائر الرسمية وسواها.
وتشكل ظاهرة انتشار الكلاب السائبة مشكلات صحية وبيئية واجتماعية ونفسية عديدة، لأن بعضها مصاب بداء “الريبوز”، وهو داء الكلب الذي يعد مرضاً خطيراً ينتقل الى الإنسان عن طريق الجهاز العصبي، ويؤدي إلى الموت السريع، ما يجعل من الأولوية معالجة هذه الظاهرة أو الحد من تأثيراتها من قبل الجهات المعنية.
وتحذر وزارة الصحة العراقية، وبنحو مستمر، من انتشار مرض “داء الكلب” بعد تسجيل زيادة بالإصابات في مناطق متفرقة من البلاد، جراء انتشار الكلاب السائبة، داعية إلى “القيام بـ”حملات إبادة” لتلك الكلاب.
شح أدوية
وآخر التحذيرات هو ما أعلنته إدارة مستشفى طوارئ غرب أربيل، أول أمس الخميس، من قلّة الأدوية المضادة لفيروس داء الكلب، مبينة أنها “سجلت خلال الستة أشهر الماضية 325 حالة تعرض لهجوم وعضات الكلاب السائبة”، بحسب بيان.
وتنتشر الكلاب السائبة بشكل خاص في مناطق العشوائيات والقرى والأرياف، وفق ما يقول المواطن كرار علي من محافظة البصرة، ويضيف أن “تلك الكلاب تتجول بمجاميع ونرى من بينها المصاب والمتوحش، لذلك بدأنا نمنع أطفالنا من الخروج إلى الشارع”.
ولا يخفي علي خلال حديثه قلقه على أطفاله من الكلاب السائبة، خاصة مع قرب بدء الدوام الدراسي، مشيرا إلى عدم امتلاكه سيارة لنقلهم بواسطتها إلى المدارس”.
ويطالب علي، الجهات المعنية بـ”اتخاذ اجراءات حاسمة للحد من ظاهرة انتشار الكلاب السائبة التي تخلف أضرارا على الأطفال لمجرد مشاهدتهم إيّاها، فكيف اذا تعرضوا لمهاجمتها أو عضها؟”.
داء الكلب
ويعد “داء الكلب” من الأمراض الفيروسية الخطيرة التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان، وليس له علاج، لكن يوجد لقاح له، بحسب الطبيب البيطري جبار الزبيدي، مبينا أن الفيروس ينتقل من الحيوانات الأليفة والبريّة.
ويشدد الزبيدي، على ضرورة “الابتعاد عن الحيوانات البريّة لتجنب عضتها، أما الحيوان الأليف داخل البيت، فيجب إعطائه تطعيمات و لقاحات ضد داء الكلب”.
ويشرح الطبيب البيطري، أن “هذا الفيروس ينتقل من الحيوان إلى الإنسان عن طريق اللعاب أو عضّة الكلب، وبالتالي عند تعرض الإنسان إلى عضّة، عليه المسارعة إلى أخذ اللقاح خلال مدة لا تتجاوز 72 ساعة من وقت الحادث، وإلا سيفارق الحياة”.
ويوضح، أن “علاج العضّة يكون بغسل مكان الإصابة بالماء والصابون مباشرة، وعدم خياطتها – لأن الخياط يسبب انتقال الفيروس إلى الأعصاب – وفي حال عدم تلقي المصاب للقاح سينتقل الفيروس من خلال الدم إلى الأعصاب والدماغ ومن ثم الموت”.
أعراض صحية
وتتمثل أعراض “داء الكلب” في القيء والحمى والغثيان والهذيان والأرق والخوف من لمس الماء، وأيضا يلاحظ على المصاب علامات عصبية، وإذا لم يتلق اللقاح سيفارق الحياة في النهاية، وفق الزبيدي.
ويؤكد الطبيب البيطري في ختام حديثه على أهمية “مكافحة الحيوانات السائبة المنتشرة بكثرة في البلاد، والتي تسبب عضتها غالبا بداء الكلب، ومع قرب بدء العام الدراسي وتجنبا لتعرض الأطفال لهذه العضّات، أعلنت دائرة البيطرة عن حملة لمكافحة الحيوانات السائبة من خلال قتلها أو تعقيمها، ولا زالت هذه الحملة مستمرة بالتعاون مع محافظة بغداد”.
نصف مليون كلب
وتنفّذ الدوائر المختصة، بين حين وآخر، حملات للقضاء على الكلاب السائبة في المدن العراقية، نتيجة للشكاوى الكثيرة التي تتلقاها من المواطنين.
ووفق أرقام تقديرية متطابقة من جهات حكومية ومدنية عراقية، فإن عدد الكلاب السائبة في العراق يزيد على نصف مليون كلب، منها أكثر من 100 ألف في العاصمة بغداد.
وبحسب مدير دائرة الصحة العامة في صحة الكرخ ببغداد، قصي نعمة الحسناوي، فإنه “تم تسجيل 900 إصابة بداء الكلب هذا العام، وأن كل شخص يتعرض إلى عضة كلب يُعطى لقاحات بجرع تصل إلى ما بين 4ـ5 جرعات”، مشيرا في تصريح للصحيفة الرسمية في 7 تموز الماضي، إلى “قلة اللقاحات المتوفرة في المؤسسات الصحية بسبب كلفتها الباهظة”.
وأكدّ أن “أعداد الكلاب السائبة في العاصمة بغداد فقط، يتراوح ما بين 150 و200 ألف كلب، وتم التخلص مما يقارب 12 ألفا منها، وما زالت أعداد كبيرة منها تسبب الأذى للمواطنين”، داعيا إلى “إيجاد حلول للتخلص منها”.
حملة مكثفة
وفي محاولة للحد من الكلاب السائبة، كثّف المستشفى البيطري في كربلاء، بدوره حملة السيطرة على الكلاب السائبة، بـ”التشديد على اللجان في مركز المدينة والأقضية والنواحي، تزامنا مع بداية السنة الدراسية”، وفق مدير المستشفى، الدكتور وسام الجابري.
ويبيّن الجابري، أن “لجنة الكلاب السائبة مُشكّلة من قبل محافظ كربلاء وبإشراف النائب الثاني، بحسب قانون الصحة الحيوانية وقانون السلطة البيطرية للسيطرة على الكلاب السائبة، وبالتعاون مع الدوائر المعنية (البلدية، والصحة، والبيئة، والزراعة)”.
ويذكر مدير المستشفى البيطري، أن “هذه الحملة أُطلقت في بداية الشهر الجاري، باستهداف المناطق التي يكثر فيها تواجد الكلاب السائبة، والقريبة من المدارس ورياض الأطفال”، داعيا “مدراء الدوائر إلى التواصل مع المستشفى البيطري والإبلاغ عن الكلاب السائبة في حال وجِدت قرب المدارس”.
وينص قانون مكافحة الكلاب السائبة رقم (48) لسنة 1986 في المادة 4 على مكافحة الكلاب السائبة في الطرقات العامة وخارج المنازل وفي المدن والقصبات والمناطق الريفية، بالقتل أو القنص أو أية طريقة أخرى، ولوزير الزراعة حق إصدار تعليمات بناء على اقتراح الدائرة المختصة لتنظيم ذلك.