ثقافة وفن

هادي العلوي يعود إلى بغداد.. حوار مع الكاتب العراقي علي حسين

حمل معرض العراق الدولي للكتاب بنسخته الثالثة، اسم المفكر العراقي هادي العلوي، للاحتفاء بنتاجه الفكري والثقافي بعد أكثر من 24 عاما على رحيله.

وكانت العلامة البارزة في المعرض الذي أقيم في الفترة 7-17 ديسمبر/كانون الأول الجاري، هي أيام الأسود والأبيض، حيث الدلالة الزمنية والعودة إلى أيام خمسينيات وستينيات القرن الماضي، أيام البداية الثقافية في مجمل الاختصاصات، وفق القائمين على المعرض.

وعلى هامش فعاليات المعرض التقينا الكاتب القدير علي حسين، رئيس تحرير صحيفة المدى العراقية، للحديث عن مؤلفاته وانطباعاته حول فعاليات النسخة الحالية من معرض الكتاب، فضلا عن ومضات من حياة الراحل هادي العلوي.

“دعونا نتفلسف” من مؤلفات الكاتب علي حسين

وإلى جانب براعته في مجال التأليف، كتب علي حسين العديد من الأعمال المسرحية التي عرضت على مسارح بغداد، كما عمل في الصحافة منذ الثمانينيات، وأصدر مجموعة كتب عن المسرح، ومؤخرا صدرت له كتب عديدة منها “في صحبة الكتب”، “دعونا نتفلسف”، “غوايات القراءة”، “مائدة كورونا”، “سؤال الحب”، “أحفاد سقراط”، “كتب ملعونة”، “المتمردون”.

ويحرص ضيفنا على كتابة مقاله بعنوان “العمود الثامن” في صحيفة المدى، ولديه منصة بعنوان “في صحبة الكتب” على تليغرام وفيسبوك يقدم بها يوميا أحدث الكتب التي تصدرها المطابع، وإليكم جوانب من الحوار:

معرض العراق الدولي للكتاب بنسخته الثالثة حمل اسم هادي العلوي للاحتفاء بنتاجه الفكري بعد أكثر من 24 عاما على رحيله

عودة هادي العلوي

  • ما دلالات اختيار اسم المفكر “هادي العلوي”؟

جاء اختيار الراحل هادي العلوي لكونه مفكرا من طراز فريد جمع بين هموم المثقف العربي وتطلعاته لبناء ثقافة تنويرية حديثة، حيث عانى العلوي من الإهمال للأسف، ولم تبادر المؤسسات الثقافية العراقية لتكريمه، فبعد نحو ربع قرن على رحيله كان لا بد أن تبادر إحدى المؤسسات الثقافية لتكريمه، فقررت (المدى) أن تكون الدورة الثالثة لمعرض الكتاب مرتبطة باسمه.

ونشرت دار المدى أعمال العلوي الكاملة في 16 كتابا، وقد قررت أن تقدمها بخصم خاص إلى القراء للتعرف على المجالات الفكرية التي خاضها المفكر الراحل الكبير، ولهذا فإن اختيار هادي العلوي في بغداد وفي هذا الوقت بالذات هو استحضار لنموذج المثقف المتجدد الذي لن ينتهي دوره، بل يتجدد باستمرار.

  • حدثنا عن هادي العلوي وتجربته الفريدة في الساحة الفكرية

هادي العلوي مفكر وكاتب متنوع الاهتمامات، كتب في مختلف حقول المعرفة، في التراث، الحضارة العربية والإسلامية، والصينية، وتعد مؤلفاته مراجع فكرية، وقد اختلط أسلوب معيشته بأفكاره، فهو تجسيد للمثقف الجماهيري الذي يسعى إلى أن تصبح المعرفة مشاعة بين جميع طبقات المجتمع، ولهذا يجد الباحث صعوبة في تصنيف مؤلفات العلوي، ووضعه في خانة معينة، فهو باحث متميز في التراث، وناقد من طراز خاص للواقع، ومفكر يدعو إلى تمازج الحضارات، ومتذوق للشعر، ومناضل صلب دافع عن الحرية.

  • بماذا تميزت كتابات العلوي؟ وكيف نجح في معالجة العديد من القضايا الاجتماعية؟

تتميز بسلاستها وبقربها من القراء بمختلف درجات وعيهم، وتتسم بتنوعها وفرادة أسلوب كاتبها الذي يمزج بين التراث والمعاصرة، كما أنها امتازت بحيويتها، بمعنى أنها كتابات ستظل متجددة مع مرور الزمن، فالعلوي عندما يتناول قضية فكرية أو سياسية أو ثقافية يسعى إلى طرحها باعتبارها قضية الإنسان في كل مكان وزمان.

  • ما أكثر مؤلفات العلوي التي لاقت إقبالا خلال المعرض الحالي؟

معظم مؤلفات العلوي حظيت بإقبال كبير من رواد المعرض، لكن كتابه عن المرأة ربما كان الأكثر تداولا، لأنه طرح نظرة علمية عن المكانة التي كانت تحظى بها المرأة في الإسلام، وفند الكثير من الروايات التي تدعي أن المرأة تعرضت للإقصاء أو الإهمال في فترة صدر الإسلام، وأيضا حظي كتابه “التاو” عن الفلسفة الصينية بإقبال كبير، حيث يعد العلوي من أوائل الكتاب العرب الذين سلطوا الضوء على أهمية الفلسفات الشرقية ومنها الفلسفة الصينية.

الكاتب علي حسين: معظم مؤلفات العلوي حظيت بإقبال كبير من رواد المعرض لكن كتابه عن المرأة ربما كان الأكثر تداولا

مؤلفات الكاتب علي حسين

  • حدثنا عن أبرز مؤلفاتك المعروضة في الدورة الحالية من معرض الكتاب

صدر لي مؤخرا كتاب بعنوان “المتمردون” عن دار المدى، وقد لاقى قبولا حسنا من القراء، والكتاب يتناول تجارب الكتّاب والمفكرين الذين تمردوا على واقعهم، ويستعرض أهم الأفكار والكتب التي تناولت تجارب المتمردين في العالم.

  • ما أقرب الكتب التي ألفتها إلى قلبك؟ وما أسباب ذلك؟

يبقى كتاب “غوايات القراءة”، الكتاب الأقرب والأحب؛ لأنه تناول تجربتي مع القراءة منذ الصغر، كما حاولت من خلاله أن أنقل شغفي بالكتب إلى القراء وخصوصا الشباب، يشير الفيلسوف الروماني سينيكا إلى أن الحياة الأكثر سعادة هي أن تعيش مع الكتب، وقد آمن الفلاسفة القدماء بأن الكتب باستطاعتها أن تمدنا بالسعادة، وتتيح لنا التحكم بالسعادة، وتتيح لنا الكتب التحكم بأهوائنا وتصحيح الأفكار المغلوطة، فالكتاب يقودنا إلى علاقة متوازنة مع الحياة، وهذا ما أحاول أن أحققه ولو بقدر بسيط من خلال كتبي.

  • كيف وجدت تفاعل حضور المعرض مع مؤلفاتك والإقبال عليها؟

كما ذكرت مؤلفاتي تتناول جوانب تتعلق بالقراءة والكتب، وأحاول من خلالها أن أنقل تجربتي إلى القراء، والكتب التي أثّرت في حياتي، ولهذا فإن هذه النوعية من الكتب تحظى بإقبال جيد خصوصا من القراء الشباب.

  • ما التحديات التي تواجه المؤلف العراقي هذه الأيام؟ وكيف يمكنه تجاوزها؟

التحديات كثيرة، فنحن نعيش زمن مواقع التواصل الاجتماعي التي يعتقد البعض بأنها ستكون بدلا من الكتاب، أضف إلى ذلك عدم اهتمام دور النشر بالنتاج المحلي، الأمر الذي يدفع الكاتب للأسف إلى أن يطبع كتبه على نفقته الخاصة وبكميات محدودة، كما أن تطور وسائل النشر يضع الكاتب أمام امتحان حقيقي. أزمة الكتاب لا تتعلق بالعراق فقط وإنما هي أزمة عالمية، تحتاج إلى دعم حقيقي.

  • ما نصيحتك للجيل القادم ممن يرومون دخول هذا المضمار الفكري؟

القراءة أولا وثانيا وعاشرا، القراءة هي المدخل الحقيقي للكاتب، لا يمكن أن نكتب رواية بدون أن نقرأ مئات الأعمال الخالدة التي أنتجتها العبقرية البشرية، وكذلك الأمر في الشعر، وأن تكون القراءات متنوعة، ومهم جدا للكاتب الشاب أن يقرأ في الفلسفة وعلم النفس والعلوم والتاريخ؛ لأنها تزوده بذخيرة ثقافية تساعده على أن يتواصل مع العالم وينمّي موهبته.

“في صحبة الكتب” من مؤلفات الكاتب علي حسين 

معرض بغداد

  • ما انطباعك عن معرض بغداد للكتاب بدورته الحالية؟

هذه الدورة كانت متميزة بالنشاطات الثقافية، حيث كانت تعقد أكثر من 6 جلسات يوميا، إضافة إلى الحفلات الفنية وزاوية توقيع الكتب، وحضور عدد من الكتاب العرب المتميزين، مثل فراس السواح وطارق إمام وبثينة العيسى وحسن مدن ولينا الحسن وعباس بيضون ومحسن الرملي، ولا ننسى صانع المحتوى أحمد غندور “الدحيح” الذي حظي باستقبال جماهيري كبير.

  • ما رأيك بمستوى تنظيم المعرض وحجم الحضور وتفاعل المشاركين؟

المدى مؤسسة ثقافية ليست غريبة عن المعارض، حيث لها تجربة طويلة في هذا المجال، بدأت قبل 30 عاما في سوريا من خلال أسابيع المدى الثقافية التي كان يحضرها معظم الأدباء والمفكرين العرب، وبعد عام 2003 نقلت نشاطها إلى العراق فأقامت أكثر من أسبوع ومهرجانٍ ثقافي، كما أقامت معارض للكتب في أربيل والبصرة، ولهذا فإن التنظيم بالنسبة لها يأخذ أولوية، وهذا ما جعل الحضور يتفاعلون مع هذا المعرض ومع فكرة الأبيض والأسود التي كان شعار هذه الدورة.

  • ما تعليقك على اختيار الأسود والأبيض والتركيز على التراث العراقي الأصيل؟

فكرة الأبيض والأسود جاءت من خلال السعي لتكريم الأجيال السابقة أجيال الخمسينيات والستينيات، كما أنها تحمل الحنين لماضٍ ثقافي كان له حضوره الكبير في تاريخ الثقافة العراقية، كما أننا جميعا نحنّ إلى الماضي لما يحمل من ذكريات يحاول الإنسان استعادتها على الدوام.

  • ما توقعك للنسخ القادمة من معارض الكتاب؟ وكيف تطمح أن تكون؟

بالتأكيد تطمح المدى إلى أن تكون النسخ القادمة من معرض الكتاب أفضل من سابقتها، من جانبي أطمح أن تتوسع دائرة المشاركات العربية والعالمية وأن يتم دعوة كتّاب عالميين ودور نشر عالمية، وأطمح أن يتحول المعرض إلى سوق للنشر ليساهم في انتشار الكتاب العربي.

“على مائدة كورونا” من مؤلفات الكاتب علي حسين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى