اقتصاد

وزير مالية باكستان يحذر: رفع الضرائب أو اللجوء إلى صندوق النقد مجددا | اقتصاد

حذر وزير المالية الباكستاني محمد أورنغزيب من أن خطة صندوق النقد الدولي المقبلة لإنقاذ باكستان “لن تكون الأخيرة” إذا فشلت الحكومة في زيادة عائدات الضرائب بشكل كبير، وفق ما نقلت عنه صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

يأتي ذلك في أعقاب إقرار موازنة تسعى إلى إعادة ضبط اقتصاد البلد المتعثر.

وقال أورنغزيب إنه واثق من التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي هذا الشهر بشأن القرض الذي اتفقت عليه وزارته في وقت سابق بما يتراوح بين 6 و8 مليارات دولار.

واستدرك في مقابلة مع الصحيفة البريطانية “لن يكون برنامجنا المالي الأخير إذا لم نرفع إيراداتنا الضريبية”.

وكان رئيس الوزراء شهباز شريف عيّن أورنغزيب -وهو مصرفي سابق- في مارس/آذار الماضي لقيادة أحد أكثر الاقتصادات المضطربة في آسيا، والذي يعاني من تضخم بأكثر من 10% وتباطؤ النمو واحتياطيات أجنبية ضئيلة.

وتجنبت باكستان التخلف عن السداد العام الماضي بفارق ضئيل بمساعدة قرض طارئ من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، والذي انتهى أجله في أبريل/نيسان الماضي.

مستهدفات الضرائب

والشهر الماضي، أعلن أورنغزيب موازنة تتضمن مستهدفات ضريبية مرتفعة تهدف إلى دعم الإيرادات العامة وإرضاء صندوق النقد الدولي الذي طالب منذ فترة طويلة إسلام آباد بزيادة تحصيل الضرائب من بين إجراءات أخرى لا تحظى بشعبية سياسية، مثل خفض دعم الطاقة.

وتهدف الموازنة إلى جمع 13 تريليون روبية (46.6 مليار دولار) بحلول يوليو/تموز المقبل، بزيادة 40% تقريبا عن السنة المالية الحالية، لتخفيف عبء الديون المدمر الذي تسبب في ابتلاع 57% من الإيرادات الحكومية من خلال مدفوعات الفائدة.

وستقع الزيادات الضريبية في الأغلب على العمال الذين يتقاضون رواتب، والذين يشكلون جزءا صغيرا نسبيا من الاقتصاد الباكستاني غير الرسمي، بالإضافة إلى بعض شركات البيع بالتجزئة والتصدير، حسب الصحيفة.

وأشارت الموازنة إلى اتخاذ إجراءات عقابية ضد المتهربين من ضريبة الدخل، بما في ذلك فرض قيود على الهواتف المحمولة والوصول إلى الغاز والكهرباء والقدرة على السفر إلى الخارج.

وقبل انضمامه إلى الحكومة عمل أورنغزيب 35 عاما في مجال الخدمات المصرفية الدولية، بما في ذلك بنك “إيه بين إن أمرو”، و”سيتي غروب”، ومؤخرا بنك “جي بي مورغان”، وعاد إلى باكستان عام 2018 ليتولى منصب الرئيس التنفيذي لبنك حبيب أكبر بنك في البلاد.

وثمة دلائل على أن الاقتصاد الباكستاني يمر بمرحلة صعبة، على الأقل في المدى القصير، وفق الصحيفة.

وكان التضخم -الذي وصل إلى 38% في مايو/أيار 2023- تراجع إلى نحو 12.6% الشهر الماضي، في حين أصبحت احتياطيات النقد الأجنبي -التي انخفضت في فبراير/شباط 2023 إلى أقل من 3 مليارات دولار (أقل من واردات 3 أسابيع)- أعلى من 9 مليارات دولار، وقد انكمش الاقتصاد العام الماضي لكنه عاد إلى تحقيق نمو متواضع.

وقال أورنغزيب “اتجاه السفر إيجابي، والمستثمرون يظهرون ثقة في سوق الأسهم”، في إشارة إلى مؤشر “كيه إس إي 100” الذي يعد أحد أفضل المؤشرات أداء في آسيا حتى الآن، وفق الصحيفة.

وأضاف أنه مع ذلك تواجه الحكومة تحديا كبيرا في وضع باكستان على طريق النمو على المدى الطويل والقدرة على تحمل الديون.

ديون باكستان

وارتفعت ديون باكستان منذ منتصف العقد الأول من القرن الـ21 بعد أن فشلت السلطات في استثمار تدفق القروض من إصدار السندات والقروض الثنائية مع دول -منها الصين ودول الخليج- في قطاعات إنتاجية موجهة للتصدير.

وقال أورنغزيب إنه بدلا من ذلك تظل البلاد تعتمد على الواردات، مما يجبر إسلام آباد على الاقتراض لسداد الديون القائمة والمتراكمة، حسب الصحيفة.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن أورنغزيب قوله إن بلاده بحاجة إلى أن تكون قادرة على سداد القروض بعد أن ظل اقتصادها طويلا قائما على الاستيراد، مضيفا “لقد نفد الدولار لدينا، علينا أن نعود إلى مقرض الملاذ الأخير (صندوق النقد الدولي) راكعين على ركبنا”.

وسافر شهباز شريف مؤخرا إلى السعودية والإمارات والصين للحصول على استثمارات، بالإضافة إلى برنامج صندوق النقد الدولي رقم 24 لباكستان.

وقال أورنغزيب “لقد حان الوقت لنصبح واقعيين”، في إشارة إلى مطالب المستثمرين الخليجيين بالحصول على أسهم ومقاعد مجالس الإدارة، مضيفا “الكرة في ملعبنا لتقديم مشاريع قابلة للتمويل والاستثمار”.

وانتقد وزير المالية السمعة الفاسدة للمجلس الفدرالي للإيرادات، وهو وكالة تحصيل الضرائب الباكستانية.

وقال أورنغزيب “الناس لا يريدون التعامل مع مصلحة الضرائب بسبب الفساد وبسبب المضايقات وبسبب الأشخاص الذين يطلبون الحصول على أموال سريعة وتسهيلات مالية، هذا أمر غير مستدام”.

وأضاف “أتعاطف مع الألم الذي سيشعر به الناس، فقد كنت من أكبر دافعي الضرائب، على الأقل في القطاع المصرفي”.

واختار أورنغزيب مع بقية أعضاء حكومة شريف التخلي عن راتبه الحكومي، وكذلك الاستغناء عن جنسيته الهولندية التي حصل عليها خلال عمله في أمستردام.

وأثارت الموازنة انتقادات من مختلف الأطياف السياسية، ويشمل ذلك شركاء ائتلاف حكومة شريف الذين استند إليهم بعد الانتخابات المتنازع عليها في فبراير/شباط.

ويهدد رد الفعل العنيف بتعميق البيئة السياسية المتقلبة بالفعل، والتي شهدت انتخاب باكستان 8 وزراء للمالية في السنوات الست الماضية.

وقال أورنغزيب “ليس أمامنا 5 سنوات لبرنامجنا، علينا أن نبدأ في العرض، والبدء في التسليم خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر المقبلة”، وفق الصحيفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى