المنتخب الفلسطيني يسعى للتأهل لكأس العالم واللعب على أرضه – DW – 9/11/2024
لقد نجح رامي حمادة في تحقيق ما فشل فيه العديد من أفضل حراس المرمى في العالم، حيث منع نجم توتنهام هوتسبير سون هيونج مين من إحراز الأهداف. ولكن قبل أيام قليلة من مساعدة فلسطين في تأمين التعادل التاريخي 0-0 في كوريا الجنوبية يوم الخميس، كان حمادة يتدرب بمفرده في القدس بينما كان يبحث عن فريق جديد على خلفية الحرب المميتة بين إسرائيل وحماس. وهي جماعة إسلامية فلسطينية مسلحة، صنفتها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية..
“إنه أمر صعب. الحرب هي أسوأ شيء في العالم. الجميع في كل مكان يريدون العيش في سلام. لا أريد أن أرى شعبي يموتون بهذه الطريقة، الأطفال والنساء والرجال. ليس من السهل رؤية ما نراه كل يوم”، قال حمادة لـ DW.
وأضاف “لكننا نستمد قوتنا وإيجابيتنا من أولئك الذين يدعموننا. نحن نلعب حقا من أجل هؤلاء الناس الذين يعانون الآن من وطأة الحرب، وآمل أن تنتهي قريبا”.
حلم فلسطين في كأس العالم أصبح أقرب
ويملك المنتخب الفلسطيني فرصة حقيقية للتأهل لكأس العالم 2026 في أميركا وكندا والمكسيك، بعد وصوله إلى الدور الثالث من التصفيات الآسيوية، نتيجة توسيع البطولة ومضاعفة حصة (المنتخبات المتأهلة) من آسيا.
يشار إلى أن الأمم المتحدة لا تعترف بفلسطين كدولة، لكنها عضو في الاتحاد الدولي لكرة القدم منذ عام 1998. ويحتل المنتخب الفلسطيني حاليا المرتبة 96 في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) العالمي.
يمكن لفلسطين التأهل إذا احتلت المركز الأول أو الثاني في المجموعة التي تضم أيضًا الأردن والعراق والكويت وعمان وكوريا الجنوبية. حتى الفرق التي تحتل المركزين الثالث والرابع تحصل على فرصة أخرى للتأهل. كانت تصديات حارس المرمى رامي حمادة في أصعب مباراة لهم (ضد كوريا الجنوبية) بداية قوية.
وقال رامي حمادة: “حتى لو كانت فرصتنا 0.001 في المائة، فإننا سنقاتل من أجل الوصول إلى كأس العالم، لأننا أشخاص نحب أن نعيش الحلم”.
ورغم أن المنتخب الوطني الفلسطيني يخوض رسميا خمس مباريات على أرضه في المجموعة، فإنه يخوض تلك المباريات حاليا في مدينة كوالالمبور الماليزية، رغم موافقة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والاتحاد الآسيوي لكرة القدم على إقامة مباريات المنتخب الوطني الفلسطيني في تصفيات كأس العالم 2026 على أرضه لأول مرة منذ خمس سنوات.
وقال حارس المرمى حمادة الذي من المقرر أن يخوض المباراة المقبلة لفريقه على أرضه أمام الكويت في 15 أكتوبر/تشرين الأول الجاري: “أعتقد أن ذلك سيكون ممكنا في المستقبل”.
وأضاف “قال رئيسنا إن المباراة القادمة ستكون إن شاء الله في فلسطين وطننا، وهذا يجعلنا أقوى، اللعب على أرضنا سيكون شعورا رائعا بالنسبة لنا، نستمد قوتنا من جماهيرنا والمدرجات ستكون ممتلئة، لكن الأهم أنها ستكون على أرضنا، إذا لعبت على أرضك فهذا أمر مختلف”.
الباب مفتوح للعودة للوطن
ويقول الصحافي باسل مقدادي، الذي يدير موقع “فوتبول فلسطين”، إن التحديات اللوجستية التي تترتب على العودة إلى الوطن ستكون هائلة وربما لا يمكن التغلب عليها. ولكن الأسئلة الأخلاقية أعظم من ذلك.
لقد استخدمت القوات الإسرائيلية أحد أقدم ملاعب كرة القدم في غزة، وهو ملعب اليرموك، كمعسكر اعتقال، كما أظهرت الصور المروعة التي نشرت في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وتقدر اللجنة الأولمبية الفلسطينية الآن أن 400 رياضي قتلوا في الحرب.
في حين اتخذ الاتحاد الدولي لكرة القدم بعض الإجراءات فيما يتعلق بمباريات المنتخب الوطني الفلسطيني على أرضه، فإن الهيئة الدولية لكرة القدم برئاسة جياني إنفانتينو أرجأت مراراً وتكراراً التعامل مع هذه المسألة. ومؤخراً، في 31 أغسطس/آب، طالب الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بتعليق عضوية إسرائيل. ويرى الصحافي الفلسطيني باسم مقدادي أن هذا أمر غير مقبول.
وقال “احتلّت إسرائيل الضفة الغربية وغزة بشكل غير قانوني لمدة 60 عامًا على الأقل، ولم يكلفها ذلك عضوية الفيفا. وبالنظر إلى الفظائع الموثقة التي ارتكبت ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وضد لاعبي كرة القدم وضد مؤسسات كرة القدم… فإن هذا يجعلك تعتقد أن السماح للفلسطينيين باللعب على أرضهم هو تعويض”.
في واقع الأمر، بالإضافة إلى الحدود المعترف بها دولياً لإسرائيل، فإنها تحتل الضفة الغربية ومرتفعات الجولان منذ عام 1967. ولديها أيضاً مستوطنات في المنطقتين. وهذا غير قانوني بموجب القانون الدولي.
رغم أن إسرائيل انسحبت من قطاع غزة في عام 2005، إلا أن قواتها كانت موجودة في المنطقة منذ الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وتنفي إسرائيل احتلالها غير القانوني لأي أرض فلسطينية. وكانت محكمة العدل الدولية قد أصدرت رأيا استشاريا في يوليو/تموز الماضي يفيد بأن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية غير قانوني. ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قرار المحكمة بأنه “قرار كاذب”.
ويرى العديد من المراقبين أن المقارنة بين حرب روسيا على أوكرانيا والحرب بين إسرائيل وحماس معيبة. ففي حين لم تهاجم أوكرانيا روسيا في البداية، فإن الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس اندلعت بسبب أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، عندما قاد مسلحو حماس عمليات توغل داخل إسرائيل، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص وأسر نحو 250 رهينة، معظمهم من المدنيين.
قرار الفيفا متوقع في أكتوبر
وفي مايو/أيار الماضي اقترح الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم تعليق عضوية إسرائيل في الاتحاد الدولي لكرة القدم. ووعد الاتحاد الدولي لكرة القدم باتخاذ الإجراء اللازم في يوليو/تموز، ثم مرة أخرى في أغسطس/آب. ولكن الاتحاد الدولي لكرة القدم يقول الآن إنه سيتخذ القرار في أكتوبر/تشرين الأول.
وتعني مثل هذه التأخيرات أن إسرائيل كانت قادرة على المشاركة في مسابقات كرة القدم في دورة الألعاب الأولمبية في باريس عام 2024. كما أنها تتنافس حاليًا في دوري الأمم الأوروبية.
وقال الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في بيان “لقد تلقى الاتحاد الدولي لكرة القدم تقييما قانونيا مستقلا لمقترحات الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ضد إسرائيل. وسوف يتم إرسال هذا التقييم إلى مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم للمراجعة حتى يتمكن من مناقشة الأمر في اجتماعه المقبل في أكتوبر/تشرين الأول”.
ونفت إسرائيل اتهامات الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، ووصف رئيس الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم موشي زويرس الأمر بأنه “محاولة سياسية عدائية من جانب الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم لإلحاق الضرر بكرة القدم الإسرائيلية”.
“رسائل من الوطن”
قال الصحافي باسل مقدادي إن وصول المنتخب الفلسطيني إلى الدور الثالث (والنهائي) من تصفيات كأس العالم أمر مدهش في ظل هذه الظروف، وأضاف: “أعتقد أن هذا يعكس شخصية الفريق وعقلية الفريق، وكذلك جودة واحترافية اللاعبين المشاركين”.
حارس المرمى حمادة هو مثال جيد على ذلك. فبينما يلعب العديد من لاعبي المنتخب الوطني الفلسطيني في الخارج، وخاصة في ليبيا، فإن القليل منهم فقط يظلون في الوطن. وحمادة واحد منهم. لقد مر عام منذ انضمامه إلى الفريق. وهو يتدرب في صالة ألعاب رياضية محلية مع مدرب حراس المرمى، لكنه لا يزال قادرًا على اللعب على أعلى مستوى.
ويرى حمادة أن اللعب في التصفيات والمشاركة في كأس العالم 2026 فرصة للظهور على الساحة الكروية، لكن بالنسبة له فإن الأمر يتجاوز ذلك، إذ يرى أن أداء فريقه شعاع أمل نادر.
“أريد أن أخبركم بعدد الرسائل التي وصلتني من غزة، من فلسطين”، قال حمادة. “نحن نسعد الناس. نحن نلعب من أجل هؤلاء الناس. ما يحدث في فلسطين أمر فظيع. ليس من السهل العيش هناك. والآن ليس من السهل حتى مشاهدة ما يحدث هناك”.
وأضاف “عندما يشاهدنا هؤلاء الناس الذين يعيشون في خضم الحرب، فإن ذلك يمنحنا الدافع للعب. نحن نلعب لإسعاد هؤلاء الناس”.
ترجم إلى العربية: RM