حرب غزة: “ويكيبيديا لديها مشكلة مع معاداة السامية” – جيروزاليم بوست
مازالت تداعيت حرب غزة تحظى باهتمام الصحف العربية والعالمية. أبعاد الصراع طالت أيضا موسوعة ويكيبيديا العالمية، إذ اتهمتها صحيفة جيروزاليم بوست بأنها “تعادي السامية”. أما الغارديان فترى أن الحرب تحولت إلى “كابوس لا ينتهي”. وبما أن الأطفال أكثر فئة متضررة من الحرب وتداعياتها، يبقى الاهتمام بالصحة النفسية لأطفال القطاع أولوية وفق صحيفة القدس.
نبدأ بجيروزاليم بوست التي تناولت موقف ويكيبيديا مما يجري في غزة، في مقال للكاتبه أفيفا وينتون بعنوان “ويكيبيديا تعاني من مشكلة مع معاداة السامية”.
وأبرز المقال أن ويكيبيديا تدعي بأن “الإبادة الجماعية” في غزة “أصبحت حقيقة”، مما أثار الجدل مرة أخرى حيث يتم “التلاعب بالمحتوى لاستهداف إسرائيل”.
وقالت الكاتبة إن “الفضيحة” الأخيرة التي تورطت فيها ويكيبيديا، لابد وأن “تدق المسمار الأخير” في نعش “مصداقيتها كمصدر موثوق للمعلومات” عن إسرائيل واليهود.
واستشهدت بتقرير لصحيفة يديعوت أحرنوت، الذي ذكر أنه بعد أشهر من النقاش، صوت محررو ويكيبيديا مؤخرا على تغيير عنوان لصفحتها من “ادعاءات الإبادة الجماعية في الهجوم الإسرائيلي على غزة عام 2023” إلى “إبادة غزة”.
بعبارة أخرى، قررت ويكيبيديا أن “الادعاء” بارتكاب إبادة جماعية في غزة أصبح الآن “حقيقة ثابتة”.
وقالت الصحيفة إن من يؤيدون العنوان الجديد يزعمون أن هناك “إجماعا واسع النطاق في الأوساط الأكاديمية” بشأن هذه المسألة، مستشهدين بمقالات أكاديمية لمؤرخي الهولوكوست وعلماء الإبادة الجماعية وأساتذة حقوق الإنسان وخبراء قانونيين وسياسيين.
وأضافت أنه من بين الخبراء المزعومين الذين تم الاستشهاد بهم لهذا “الإجماع” فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، والتي استخدمت منشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي “المليئة بالكراهية” خطابا “معاديا للسامية” بشكل علني، لدرجة أن الولايات المتحدة طالبت بإقالتها من منصبها، حسب الصحيفة.
وأوضحت أن ويكيبيديا تستشهد بالعديد من المنظمات غير الحكومية “المناهضة لإسرائيل” والمرتبطة بحملة “مقاطعة إسرائيل” وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها منذ فترة طويلة.
كما يعتمد الموقع بشكل كبير على أرقام الضحايا التي أعلنتها وزارة الصحة في غزة التي تديرها حماس، والتي “طعن فيها الخبراء مرارا وتكرارا باعتبارها مشوهة أو مُتلاعب بها بشكل واضح”، وفق الصحيفة.
كما أشارت إلى اتهام الموسوعة إسرائيل بالتسبب عمدا في “المجاعة” في غزة من خلال منع الإمدادات الإنسانية من الدخول وعرقلة أو مهاجمة القوافل الإنسانية.
وقالت إنها “تتجاهل الأدلة الساحقة” على أن إسرائيل “سهلت” دخول ما يكفي من المساعدات لتوفير السعرات الحرارية الكافية لكل رجل وامرأة وطفل في غزة.
“كابوس لا ينتهي”
ننتقل إلى صحيفة الغارديان البريطانية في افتتاحيتها التي حذرت من أن مخاطر اندلاع حرب إقليمية واسعة النطاق قائمة في الشرق الأوسط، رغم مرور 11 شهرا على أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، واستمرار سقوط قتلى من الفلسطينيين وبين الرهائن الإسرائيليين.
“لقد اقتربت الذكرى السنوية الأولى للفظائع” التي ارتكبتها حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، التي قُتل فيها 1200 إسرائيلي وفجرت حرب غزة لانتقام إسرائيل مما حدث”، تقول الصحيفة
وعلقت بأنه رغم “تباطؤ معدلات القتل إلى أن الوفيات والمعاناة مازالت مرعبة”، وأشارت إلى مقتل ستة عمال إغاثة تابعين للأمم المتحدة، من بين 18 شخصا على الأقل قتلوا في غارة إسرائيلية على مدرسة في النصيرات وسط غزة الأسبوع الماضي.
وجاءت الضربات بعد أقل من أسبوعين من العثور على ستة رهائن إسرائيليين مقتولين، وقالت إسرائيل إن خاطفيهم قتلوهم برصاصة في الرأس عندما اقتربت القوات الإسرائيلية من تحريرهم.
وأوضحت الصحيفة أنه بعد 11 شهرا أصبحت الأمور أكثر وضوحا، ولا يوجد مخرج في الأفق بدون استراتيجية واضحة، ولا يوجد مخرج مع رئيس وزراء في إسرائيل يطيل أمد الحرب لأسباب سياسية خاصة به.
هذا هو الموقف من بنيامين نتنياهو ليس فقط من المعارضين السياسيين، بل وأيضا من مواطنيه، ورئيس جهاز الأمن الداخلي السابق، ورئيس الحليف الأقوى لإسرائيل، الولايات المتحدة، بحسب الغارديان.
وعلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في أعقاب الهجوم على مدرسة الأونروا، بأن “ما يحدث في غزة غير مقبول على الإطلاق. يجب أن تتوقف هذه الانتهاكات المأساوية للقانون الإنساني الدولي الآن”.
لكن نتنياهو تجاهل الأمين العام للأمم المتحدة تماما، وقال غوتيريش لرويترز إن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يرد على مكالماته منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
كما عبر الرئيس الأمريكي جو بايدن عن إحباطه، واكتفى بالتعليق على مقتل المواطنة التركية الأمريكية إيسينور إزجي إيجي، في احتجاج بالضفة الغربية ضد المستوطنات، بأنه “غير مقبول على الإطلاق”، لكنه لم يطالب بعد بإجراء تحقيق مستقل في الموضوع.
وتقول الصحيفة إنه إذا انتهت الحرب غدا، فإن حصيلة القتلى ستستمر في الارتفاع بسبب هذه الظروف القاتمة والأمراض التي تسببها. لكن النهاية لا تبدو قريبة، كما لم تظهر الاحتجاجات المحلية التي أعقبت مقتل الرهائن الستة أي علامة على تغيير موقف نتنياهو، وهو يتوقع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وأضافت أنه يتضح بشكل متزايد عدم كفاية السياسة الأمريكية الحالية مع تدهور الوضع في الضفة الغربية وتزايد المخاوف من أن إسرائيل وحزب الله ينجرفان نحو حرب شاملة “ليستمر الكابوس”.
“أطفال غزه بين الركام: الأولوية للصحة النفسية والتعليم”
وعما يجري في غزة وما يعانيه أطفالها من أزمات نفسية وتعليمية، تحدثت سماح جبر، رئيسة دائرة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، عن تجاهل العالم لمعاناة الأطفال الذين نجوا من تحت الركام.
وقالت في مقال بصحيفة القدس الفلسطينية بعنوان “أطفال غزه بين الركام: الأولوية للصحة النفسية والتعليم”، إن هؤلاء الأطفال ليسوا مجرد أرقام في إحصاءات الضحايا، بل هم “مستقبل شعب” بأكمله، ومع ذلك، “يُحرمون” من أبسط حقوقهم الأساسية التي يمكن أن تمنحهم فرصة للحياة الطبيعية وسط هذه الفوضى.
وأضافت أنه إلى جانب القصف والموت، يعاني العديد من الأطفال في غزة من “فقدان الاستقرار العائلي”، فالبعض فقد آباءهم، والبعض الآخر انفصل عن أسرته، وهذا الانفصال يولّد شعورا “بالضياع والضعف”، ويجعل من الصعب على الأطفال التعافي نفسيا.
وحذرت المسؤولة الفلسطينية من أنه مع استمرار العنف، يصبح الأطفال أكثر “تأقلما مع مشاهد العدوان”، مما يهدد بجعل “العنف جزءا طبيعيا من حياتهم اليومية”، ويُسهم في خلق جيل جديد محمل بالندوب العاطفية التي قد تستمر معهم طوال حياتهم.
وأشارت إلى أنه مع “تدمير المدارس وتشرد العائلات”، لم يعد هناك مكان يستعيد فيه الأطفال شعورهم بالحياة الطبيعية.
وقالت إن “فقدانهم للمدارس لا يعني فقط فقدان فرصة التعليم، بل فقدان جزء من مستقبلهم وأحلامهم التي كانت تعطيهم الأمل في غد أفضل”.
إن “أطفال غزة يستحقون أكثر من مجرد البقاء، هؤلاء الأطفال يستحقون فرصة للحياة الكريمة، للتعلم، وللشفاء” تقول الكاتبة، وتضيف، “إذا لم يتحرك العالم الآن لدعمهم، فإن الأثر المدمر للحرب سيستمر لعقود”.