أزمة التسريبات “تتعقد” والحكومة تشكو “الاستهداف”.. حظوظ السوداني بالولاية الثانية تتقلص
متابعة/ المدى
لم يكن التسريب الصوتي المنسوب لكبير مستشاري رئيس الحكومة، الأول من نوعه، وقد لا يكون الأخير، لكنه عكس ظاهرة جديدة وأسلوبا عصريا بدأت تتبعه القوى السياسية في إسقاط الخصوم، مستفيدة من التطور التكنولوجي وجهل البعض بتقنياته وسلوك الفساد لدى السياسيين، وفقا لمراقبين، فيما وصف مقرب من رئيس الوزراء التسريب الأخير بأنه “حرب مبكرة”، بدأت باستهداف حكومة محمد شياع السوداني، قبل الانتخابات.
وتناقلت وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، أمس الجمعة، تسريبا صوتيا نسب لكبير مستشاري رئيس الوزراء عبد الكريم فيصل، وهو يتحدث عن تسلمه رشوة، وجاء في التسجيل المنسوب للفيصل حديث عن فرصة استثمارية يقوم الأخير بعرضها على السوداني، إلا أن هذا التسجيل لم يتم التأكد من صحته.
ويقول المحلل السياسي غالب الدعمي، إن “أسلوب التسريبات أصبح جزءا من سلوك النظام السياسي، والفساد هو ما أوصل الخلافات إلى اتباع هذا الأسلوب، وعلى الرغم من أن أيا من التسريبات لم يثبت حتى الآن بما فيها الذي يتعلق برئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي، إلا أنها تزعزع ثقة المواطن بالحكومة والطبقة السياسية وتنعكس تاليا على تشويه سمعة البلد بشكل كبير”.
ومع انتشار المقطع الصوتي طالبت رئاسة الادعاء العام في القضاء العراقي بإجراء تحقيق بالتسريبات الصوتية المنسوبة لرئيس هيئة المستشارين بمجلس الوزراء.
ويضيف الدعمي، أن “هذه التسريبات لم يتم حتى الآن إثباتها، وحتى ما يتعلق بالتسريبات التي تخص رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون، لم يبت فيها القضاء ولم يتحدث رسميا عن نتائج التحقيق فيها، لذا فإن كل اتهام أو تسريب لم يصدر القضاء فيه قرارا لا يعد ثابتا أو صحيحا، فمن الضروري الإنصات إلى رأي القضاء فيه”.
وكان رئيس هيئة المستشارين في مجلس الوزراء، عبدالكريم الفيصل، قد نفى صحة التسريب الصوتي المنسوب إليه، وفيما أكد عدم صحة الأنباء المتداولة بشأن سحب يده عن العمل، أعرب عن ثقته بالقضاء العراقي “لإنصافه”، مشيرا إلى أن “هذا استهداف وإنذار لكل من يعمل ويحارب بشرف ونزاهة أنواع الفساد الذي فتك بخيرات العراق”.
بدوره، قال مدير المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء ربيع نادر تعليقا على التسجيل: “أبسط وأسهل وأيسر ما يمكن اليوم هو أن نفبرك الأصوات وننشر الاكاذيب كما يفعلون، لكننا نترفع عن تلك الأساليب الرخيصة فهي خيار المفلسين”.
من جهته، يرى الباحث في الشأن السياسي مجاشع التميمي، أن “ظاهرة التسريبات تعكس حالة الصراعات بين القوى السياسية في العراق مستفيدين من التطور التقني والتكنولوجي في مجال الإعلام والاتصالات وهي تعكس أيضا تطوراً في الصراعات السياسية بالعراق”.
ويعتقد التميمي، أن “الخلافات بين القوى السياسية وعجز المؤسسات الرقابية والتنفيذية في إنفاذ القانون هو ما تسبب في شيوع هذه الظواهر التي تعكس حجم هذه الصراعات مع التقدم في بيئة المعلومات والاتصالات، فضلا عن تفشي ظاهرة الفساد الإداري والمالي في المجتمع”.
وعلى الرغم من أن هذه الظواهر موجودة في المجتمعات كافة، يضيف التميمي، “إلا أنها تفشت في العراق بشكل كبير، نتيجة جهل كبير لدى أغلب المسؤولين الفاسدين الذين لم يتقنوا ويفهموا هذا التطور التقني، ويبدو أن طمع وجشع المسؤولين الفاسدين قد تسبب بهذه الظواهر أيضا”.
ويخلص إلى أن “تلك التسريبات لم تعد تقتصر على جوانب الفساد المالي والإداري، بل وصلت إلى الفضائح السياسية والجنسية لدرجة أن الكثير من أساتذة الجامعات الفاسدين وقعوا أيضا في فخ التسريبات الجنسية مع طالبات لأغراض الابتزاز والتشهير، علما أن الكثير من التسريبات تتم من خلال مؤسسات رسمية وبعضها كبيرة أقحمت نفسها في تلك الصراعات”.
ونشرت وسائل إعلام ومواقع تواصل اجتماعي سابقا مقاطع صوتية نسبت إلى مسؤولين كبار، بعضها كانت ملفقة وأخرى ثبتت صحتها، آخرها للمدير العام لهيئة الضرائب علي علاوي، وفيما وجه رئيس الوزراء بفتح تحقيق بالتسجيل والتأكد من صحته، أصدرت وزيرة المالية قرارا بإقالة علاوي من إدارة الهيئة العامة للضرائب.
وتم تداول تسريبات منسوبة لرئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي، على نطاق واسع، في قصة مدوية خلال العام 2022، تحدث فيها عن مسائل حساسة، وشن خلالها هجوما لاذعا على زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، كما هدد بتسليح فصائل لحماية النجف من أي “هجوم” للصدر، ناهيك عن انتقاده فصائل من الحشد.
وأطاحت تسريبات خاصة برئيس هيئة النزاهة حيدر حنون، به من منصبه، بعد انتشار مقطع صوتي، كان عبارة عن اتصال هاتفي يتحدث فيه عن رشى وعن قطعة أرض بنى عليها بيته، وقد أعلن الادعاء العام طلب التحقيق بخصوص التسجيلات، ثم قرر القضاء اتخاذ الإجراءات القانونية بحق حنون بتهم عدة، بينها الإساءة إلى القضاء.
بدوره، يشير المحلل السياسي المقرب من رئيس الحكومة عائد الهلالي، الى ان “ما يجري جزءا من الحرب المبكرة والخاصة باستهداف الشخصيات التي أعدت العدة للدخول في الانتخابات القادمة، فالسوداني اليوم مستهدف بكل واضح وعلني، وما حصل من استهداف للشخصيات الرئيسية في حكومة السوداني من قبل بعض الأطراف مخز ومعيب”.
ويضيف الهلالي، أن “مكتب السوداني رد على هذا الفعل وهو للمرة الأولى يقوم بالرد إذ وصف هذا العمل بأنه أسلوب المفلسين”، لافتا إلى أن “العملية هي استهداف واضح، وهناك جهات تعمل على ذلك لهز ثقة المواطن بالحكومة التي ترسخت من خلال إيفاء الحكومة بالتزاماتها ووعودها”.
ويكمل، أن “حجم العمل الذي تبنته الحكومة الفترة الماضية أقض مضجع البعض، وأصبح يعمل على كبح جماح الحكومة ويحاول أن يوقف عجلة البناء والتنمية لأن الحكومة ماضية في تحقيق مفردات برنامجها التي وعدت الجمهور به”.
وشدد المكتب الإعلامي للسوداني، أمس الجمعة، على مواصلة الملاحقة القانونية لكل “من يروّج للأكاذيب التي تستهدف الفريق الحكومي وما قدّمه من نجاحات إضافة إلى التغطية على الفاسدين”، مبيناً: “هناك من يتخادم مع الفساد، أو يصر على استبدال دوره الذي رسمه الدستور بامتهان التهريج والكذب، فقط لتشويه المنجز الحكومي الملموس، ويتعمّد تلويث كل الجهات بانحرافاته، بعد أن تلقى ضربات موجعة”.
وقبل أشهر، تم الكشف عن فضيحة شبكة التجسس والابتزاز في مكتب رئيس الوزراء التي أُلقي القبض على عدد من أفرادها وهم موظفون كبار في مكتب رئيس الوزراء على رأسهم، محمد جوحي، حيث ما زالت التحقيقات مع تلك الشبكة مستمرة.
المصدر: وكالات