ثقافة وفن

الاستقلال يعني إيجاد حرية الترحيب بالآخرين

ترجمة: عدوية الهلالي
من خلال مصير المعلمة التي عادت إلى كاليدونيا الجديدة، تتساءل الكاتبة الفرنسية من أصل جزائري أليس زينيتر عن ماضي الأرخبيل في روايتها الجديدة،(ضرب الملحمة).وتتناول رواية أليس زينيتر الجديدة في شكل جديد، بعض موضوعات روايتها (فن الخسارة)،الحائزة على عدد كبير من الجوائزمنها جائزة انتر للكتاب وجائزة رينودو لطلبة المدرسة الثانوية.
بالعودة إلى كاليدونيا الجديدة بعد الانفصال عن شريكها الذي بقي في البر الرئيسي لفرنسا، استأنفت تاس وظيفتها التعليمية. وعندما يختفي اثنان من طلابها،التوأم الكاناك، تذهب للبحث عنهما،غير مدركة أن طريقها سيتقاطع مع طريق مجموعة استقلالية تدعو الى التعاطف مع الماضي، وأنها ستجد نفسها منغمسة حرفيًا في قصة أسلافها… مجلة لو بوا اجرت مقابلة مع المؤلفة جاء فيها:

  • كيف أصبحت مهتمة بكاليدونيا الجديدة؟
    – في عام 2019، عندما قمت برحلتي الأولى إلى هناك، للحديث عن رواية (فن الخسارة)، اكتشفت المنطقة وكذلك أحد أبعادها التاريخية، وهو وجود “العرب ” المعتقلين فيها. لم أكن أفكر في تأليف كتاب عنها، لكن خلال الحجر الصحي الأول، بينما كنت عالقة في المنزل، انغمست في القراءة عن تاريخ العرب والبربر في كاليدونيا الجديدة، بقلم لويس خوسيه باربانسون وكريستوف ساند. وتضمن العمل قائمة بأسماء المدانين مع ذكر أسمائهم وحالتهم العائلية ومكان ميلادهم ومكان اعتقالهم. كانت أسماء الأماكن هذه مألوفة بالنسبة لي؛ نظرًا لأنني كنت أعاني من صعوبة في جغرافية منطقة القبائل أثناء كتابتي لكتاب “فن الخسارة”. أدركت بعد ذلك القرب الشديد بين تاريخ عائلتي والتاريخ الذي قاد هؤلاء الناس إلى أرخبيل في المحيط الهادئ على بعد 18 ألف كيلومتر من موطنهم. ومن هذا الاضطراب ولدت روايتي (ضرب الملحمة).
    *تتعقب الرواية بشكل خاص مجموعة استقلالية صغيرة تدعو إلى التعاطف العنيف مع الماضي، من هذه؟
    -إن اختراع الجماعة وأساليب عملها وشعاراتها جزء من متع الخيال…ما يهمني في التعاطف العنيف هو حقيقة الرد على العنف الاستعماري بوسائل لا تتعلق بالعنف القاسي.تريد المجموعة إيصال تجربة حساسة من الحرمان والخوف فقد استولى البيض على الأرض ليس لأنهم بحاجة إليها، بل لإنشاء مستعمرة عقابية. ولذلك فمن الضروري إنشاء ما يعادلها. لا ينبغي لأحد أن يقول إن الضحايا تعرضوا للسرقة من أجل إعادة توزيع أكثر عدالة للثروة.
    *هل قمت بهذا الاختيار لأن كاليدونيا الجديدة غالبا ما ترتبط بالعنف، من احتجاز الرهائن في أوفيا إلى أعمال الشغب التي تجعلنا نتحدث عنها مرة أخرى اليوم؟
    -نعم، مع السدود، والأسلحة النارية، والبنية التحتية المدمرة… ولكن هناك أيضًا طريقة أخرى للرد على الوضع الاستعماري، والتي لا يتم الحديث عنها كثيرًا، وهي القوة “الناعمة” التي أجدها مثيرة للإعجاب. بالنسبة لي، كان جان ماري تجيباو (سياسي وشخصية بارزة في قومية الكاناك المدافعة عن اللاعنف، والذي قُتل، يمثل إمكانية إقامة حوار بين المجتمعات). وفكرة أن “كاناكي” هي أرض ترحيبية وأن الاستقلال يعني استعادة الحرية عبرالترحيب بالمجتمعات الأخرى.يقول لويس خوسيه باردانسون إن تجيباو كان بمثابة نيلسون مانديلا منطقة المحيط الهادئ، ولدي انطباع بأن هذا الجانب من التاريخ لم يتم التركيز عليه بشكل كبير. ومن هنا تأتي تصرفات المجموعة في الرواية…
    كما أن رواية (ضرب الملحمة) تعطي وجهًا لشباب الكاناك من خلال التوأم، طلاب تاس، الذين ينضمون إلى هذه المجموعة…لقد رأينا مع أعمال الشغب في ربيع 2024 أن هناك شبابًا من الكاناك، من المدن والضواحي، لا يجدون مكانا لهم. وهم لا يعيشون في قبيلة، بل إنهم يتبعون أسلوب حياة غربي كلاسيكي، “إنهم لا يعرفون كيف يعيشون بدون منفذ للكهرباء لأنهم بحاجة إلى إعادة شحن هواتفهم المحمولة. ” وبينما يعيشون في الأبراج والمدن التي بنتها الدولة الفرنسية، فإنهم في غير مكانهم في هذا العالم. إنهم يفشلون في المدرسة ويواجهون معدل بطالة أعلى بكثير من معدل البطالة بين الشباب البيض. إنهم أكثر من يشعر بعدم المساواة، ولا يعرفون من هم وماذا يفعلون بحياتهم. وهم من يصنعون الحواجز..
    *من أين جاء هذا العنوان “ضرب الملحمة”؟
  • لدينا فكرة الضرب بمعنى الإضرار، ضرب ملحمة يمكننا أن نعرفها دون أن نعرفها حقًا، وهي ملحمة غزو المحيط الهادئ من خلال الملاحين والمستكشفين مثل جيمس كوك وبوغانفيل. وحقيقة أن كاليدونيا كانت منطقة ذات اقتصاد وسياسة منطقة المحيط الهادئ…. تعجبني أيضًا فكرة الضرب حيث تظهر شخصية تاس شعار مجموعة التعاطف العنيف محفورًا في الارض، مع الانطباع بأن الأرض تصرخ: “التعاطف سينتصر”. لقد نشأت لدي فكرة الكتابة، ونقش ملحمة في المشهد الطبيعي، وضربها في الأرض، ومن خلال ذلك، إعادة اكتشاف رؤية الكاناك التي بموجبها يكون التاريخ منظرًا طبيعيًا.
    *ماذا تقصدين؟
    -نحن الغربيون، مع تاريخنا المكتوب، نميل إلى اعتبار أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ شفهي ليس لديهم تاريخ، لأنه من الصعب الوصول إليه. خلال بحثي، وجدت أشياء عن تاريخ كاليدونيا الجديدة، والاستعمار، والمستعمرة العقابية، ولم أجد شيئًا عن تاريخ الكاناك لأنه تاريخ شفوي يُروى في الموقع. وهذه الملحمة مرتبطة بهم،إذ يتمتع الكاناك الذين يعيشون في الأراضي الكاليدونية بإمكانية الوصول الدائم إلى تاريخ عشيرتهم، الذي يُحكى ويُعاد سرده، وهو ليس حتى من الماضي لأنه مجرد منظر طبيعي. في حين أنه إذا أجرت المعلمة تاس بحثًا، فلن تتمكن إلا من الوصول إلى وثائق السجن، والتي لن تخبرها بأي شيء على الإطلاق عن أسلافها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى