السوداني يوازن بين الشراكة مع واشنطن واحتواء الت
ترجمة حامد أحمد
تناولت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة وما ولد ذلك من ردود أفعال معارضة في المنطقة ومنها العراق تمثلت بهجمات لفصائل مسلحة استهدفت قواعد عسكرية أميركية في البلد بسبب دعمها العلني لإسرائيل، مشيرة الى ان الحكومة العراقية التي عبرت عن دعمها الثابت لغزة تحاول جاهدة تحقيق موازنة ما بين الحفاظ على شراكة امنية مع واشنطن واحتواء تصعيد هجمات ضدها في البلد.
وذكرت الصحيف انه بعد تعرض قوات أميركية لهجوم في العراق بتاريخ 17 تشرين الأول، ظهرت مجموعة مسلحة لم تكن معروفة سابقا لتعلن مسؤوليتها عن هجمات بطائرات مسيرة على قاعدتين عسكريتين وهددت بهجمات أخرى. وتشكل هذه الحوادث المرة الأولى التي يتم فيها استهداف مصالح أميركية بشكل مباشر بسبب دعم واشنطن للحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة. ومنذ ذلك الوقت تبنت المقاومة الإسلامية في العراق حوالي أكثر من عشرين هجوما آخر استهدف منشآت عسكرية أميركية في كل من العراق وسوريا. وكانت واشنطن قد ردت مرة واحدة عليها في شرقي سوريا، مع تحذير مسؤولين باتخاذ إجراءات أخرى.
ونقلت الفايننشال تايمز عن مسؤول عسكري أميركي رفيع محذرا من مخاطر اتساع رقعة الحرب التي قد تجر واشنطن في توتر يشمل منطقة أوسع بالقول: “نحن نحتفظ بحقنا في الرد.. في الوقت والمكان الذي نحدده”.
الهجمات داخل العراق تؤكد على مخاوف الولايات المتحدة طالما تستمر بتقديم دعمها العلني لإسرائيل، فقواتها المنتشرة في الشرق الأوسط تواجه خطورة تصعيد هجمات من قبل فصائل مسلحة مدعومة من إيران.
العراق بشكل خاص يشكل عنصر اهتمام بسبب تواجد فصائل مسلحة فيه لها نفوذ سياسي وعسكري في البلد. وهناك ما يقارب من 2,500 جندي أميركي متواجدين في العراق لمهام تدريب قواته الأمنية ومساعدته في الحرب ضد داعش. وكان رئيس وزراء العراق، محمد شياع السواني، قد أعرب عن دعم ثابت للشعب الفلسطيني وأدان إسرائيل لقصفها العنيف لقطاع غزة، معبرا عن غضب انتشر في كل أنحاء العالم الإسلامي والدولي. وكان آلاف من العراقيين قد تظاهروا في شوارع العاصمة بغداد وبقية المدن احتجاجا على هذه الحرب.
مع ذلك واستنادا لمسؤولين عراقيين واشخاص ذوي اطلاع، فان السوداني يحاول جاهدا من جهة أخرى تحقيق موازنة ما بين الانتقاد الداخلي لشراكة بغداد الأمنية مع الولايات المتحدة ومحاولته احتواء أي تصعيد آخر من تلك المجاميع المسلحة. فرهاد علاء الدين، مستشار السوداني للشؤون الخارجية، قال للفايننشال تايمز “هناك قلق حقيقي إزاء توسع نطاق هذه الحرب. نحن نتمتع بعلاقات جيدة مع كل من واشنطن وطهران، ونريد ان تستمر هذه العلاقات”.
وأضاف قائلا: “أولوية الحكومة وقواتنا الأمنية هو أن نحمي العراق وان نضمن البقاء خارج هذا الصراع”. وبينما صعدت إسرائيل هذا الأسبوع من هجماتها على غزة بنشر قوات برية، فقد صعدت من جانبها فصائل مسلحة مدعومة من إيران هجماتها على مواقع إسرائيلية. وقالت إسرائيل انها اعترضت الثلاثاء صاروخا أطلق نحو مدينة إيلات الجنوبية، وهو هجوم تبنته قوات الحوثي المدعومة من ايران في اليمن. وكان هناك هجومان آخران الثلاثاء استهدفا قواعد عسكرية عراقية تضم قوات أميركية وقوات التحالف الدولي. وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد وجه أوامره بمغادرة جميع الموظفين الحكوميين الاميركان غير الأساسيين وافراد أسرهم من السفارة في بغداد وقنصليتها في أربيل في إشارة الى تدهور الوضع الأمني على نحو متسارع. وزير الدفاع الأميركي، لويد اوستن، حذر من جانبه بالقول: “ما نشهده هو احتمالية حدوث تصاعد كبير لهجمات على قواتنا وشعبنا في أنحاء المنطقة”.
وجدد سياسيون عراقيون وقادة فصائل مسلحة خلال الأسابيع اللاحقة منذ اندلاع الحرب دعواتهم لحكومة السوداني بإخراج القوات الأجنبية المتواجدة في البلاد. ودعا رجل الدين، مقتدى الصدر، كذلك الى اغلاق السفارة الأميركية في بغداد. السوداني من جانبه أدان في مباحثاته مع إدارة الرئيس بايدن الهجمات التي تعرضت لها منشآت أميركية وتعهد بملاحقة المجاميع التي تقف وراءها.
المستشار الحكومي علاء الدين قال “الحكومة كانت واضحة في انها ستلاحق هذه الجماعات، وان سلطة القانون يجب ان تُفرض”.
وتشير الصحيفة الى ان حوادث سابقة كانت مجاميع وفصائل مسلحة تقف وراءها قد كشفت بان حكومات عراقية متعاقبة لم تستطع كبحها ومساءلتها وذلك منذ ان برزت عبر العقد الماضي في مواجهتها العسكرية وتصديها لمسلحي تنظيم داعش دعما للجيش العراقي.
وفي الوقت الذي توجد فيه هناك مجاميع وفصائل تعمل بشكل منظم ضمن تشكيلات عسكرية، فان هناك مجاميع أخرى تعمل في الظل، مثل المقاومة الإسلامية في العراق المشكلة حديثا. ويذكر محللون بان هذه المجاميع تبدو على انها واجهات لفصائل أكبر معروفة. ريناد منصور، باحث لدى مركز تشاثام هاوس للدراسات في لندن، يقول إن هذه المجاميع لها نشاطات خارج حدود البلد وقد تتواجد في بلدان مجاورة أخرى، مشيرا الى ان الهجمات ضد قوات أميركية تبدو بانها مصممة للحفاظ على قوة ردع أكثر مما هي إشارة لمواجهات أوسع.
عن فايننشال تايمز