تقع خلف عرقلته مافيات وجهات سياسية.. مواطنون لـ(المدى): متى يتم ت
وتعد ازمة انفلات أسعار الادوية في الصيدليات مشكلة ازلية يعاني منها المواطن العراقي، اذ ان اغلبهم لا تسعفهم امكانياتهم المادية بشراء الادوية التي تتنوع شركاتها بين الجيد والرديء، فضلا عن الواقع المتردي للمستشفيات التي تخلو من اغلب الادوية مما يجعل المواطن يتكلف عناء شراء علاجه من الصيدليات الخارجية بمبالغ خيالية.
لا علاج لأسعار العلاج
وزارة الصحة ومن خلال كوادرها أوضحت انها حريصة على توفير جميع الأدوية، لأن أغلب المراجعين من ذوي الدخل المحدود، وليست لديهم إمكانية لشرائها من الصيدليات الأهلية لارتفاع أسعارها، وقد بينت ان هناك بعض أنواع الأدوية تشح أحيانا في الصيدليات التابعة للعيادات الاستشارية، بسبب زيادة الطلب عليها، أو بسبب وصفات العلاج التي تكون غير موجودة ضمن قائمة الأدوية المتوفرة.
اما المواطنة عبير العزاوي (38 عاما) فأكدت في حديثها لـ(المدى)، ان “اغلب المستشفيات الحكومية لا تصرف العلاج او تصرفه ولكن ليس بشكل كامل”. موضحة، ان “هذا الامر معروف عند المواطن العراقي الذي يذهب لتلقي العلاج في المستشفيات الحكومية، حتى ان العلاج البسيط الذي يجب ان يتوفر في كل عيادة صحية او مستشفى سوف لن تجده هناك، ولا بد لك ان تذهب للصيدليات الاهلية لشرائه بأسعار يضعها صاحب الصيدلية”.
تضيف العزاوي، انه “لم تكن هذه المشكلة فقط، فهناك مسألة التواطؤ والاتفاق بين أصحاب الصيدليات والعيادات الطبية الخاصة مما يجعلهم يتحكمون بسعر الدواء الذي قد يصل سعره الى (300) الف دينار عراقي”.
الدواء والدولار
المتحدث باسم النقابة صفاء الجنابي، أوضح في تصريحات صحفية سابقة: أن “أسعار الدواء في الأسواق المحلية تعد الأرخص مقارنة بدول الجوار والمنطقة بشكل عام”، مبيناً أن “هناك بعض العوامل التي أشعرت المواطن أن سعر الدواء مرتفع نسبياً، منها السوق الموازية التي أدى إلى وجود فرق بقيمة تصريف العملة الوطنية مقارنة بالدولار، خاصة وان أكثر الأدوية يتم استيرادها بالدولار، فضلاً عن اختلاف القدرة الشرائية للمواطن”.
وأوضح الجنابي، أن “معظم أسعار الأدوية ثابتة على ما كانت عليه في السابق”، مؤكداً أن “منظومة جديدة استحدثت ابتداء من شهر حزيران الماضي، تعمل بالتعاون مع وزارة الصحة وتتضمن فحص الأدوية بمختبر الرقابة الدوائية في وزارة الصحة وطبع لاصق سعري على الدواء يحتوي على اسم الدواء والشركة ورقم الوجبة والسعر، إضافة إلى رمز كيود ار كود الذي يتيح للمواطن قراءة هذه المعلومات بواسطة هاتفه المحمول”.
وأضاف، أن “الهدف من وضع لاصق سعري هو توحيد السعر من قبل وزارة الصحة، وبالتالي لا يمكن دخول أي دواء للسوق المحلية إلا بوجود اللاصق السعري”، لافتاً إلى أن “الإجراءات مشددة من قبل نقابة الصيادلة ووزارة الصحة والجهات الأمنية، إذ أن فرق التفتيش التابعة للنقابة تتواجد بشكل مستمر في قاطعي الكرخ والرصافة والأقضية والنواحي، إلى جانب وجود فرق بكل محافظة”.
وأشار، إلى أن “وزارة الصحة لديها فرق تفتيش تتابع سعر الدواء وتتخذ الإجراءات الضرورية والتي تتضمن غلق الصيدليات غير الملتزمة بالتسعيرة الدوائية أو إحالتها إلى لجنة الانضباط في نقابة الصيادلة من أجل اتخاذ الإجراءات وفق القانون وقد تصل الإجراءات إلى سحب إجازة الصيدلي، وفي حال وجود أدوية مهربة أو أدوية تحتوي على مواد مخدرة تتم إحالة الصيدلي إلى القضاء”.
وطمأن المواطنين، بأن “إجراءات وزارة الصحة ونقابة الصيادلة تسير بالاتجاه الصحيح من أجل تسعير الأدوية كافة بموجب اللاصق السعري بعد تسجيل الدواء وفحصه بمختبر الرقابة الدوائية وعرضه على العلبة الدوائية من قبل دائرة العيادة الطبية الشعبية”، مؤكداً “استمرار الإجراءات بشأن محاسبة المخالفين”.
معرقلات التسعيرة
عضو لجنة الصحة النيابية باسم الغرابي أوضح من خلال تصريح خص به (المدى)، ان “خطوة التسعيرة الدوائية بصورة عامة والتي خطت اغلب الحكومات السابقة والوزراء السابقين خطواتها بهذا الجانب، لم يتم استكمال إجراءاتها، فقد نوط هذا الموضوع بنقابة الصيادلة وكانت لديهم فقرة بالمباشرة بمشروع التسعيرات الدوائية وحتى موضوع الملصقات، لكن تعرقل هذا الموضوع وبالتالي صارت هناك إشكال ما بين نقابة الصيادلة وما بين العيادات الشعبية في وزارة الصحة”. مشيرا الى، ان “اليوم وصلنا بأن تكون العيادات الشعبية في وزارة الصحة، مهمتها هي التسعيرة الدوائية”.
يضيف الغرابي ان “موضوع التسعيرة الدوائية يصطدم بعدة معرقلات، اذ ان العلاج المسعر يجب أن يكون أولا مفحوصا وثانيا مسجلا لدى وزارة الصحة، وبالتالي هناك علاجات لدينا مثل علاج (البراند) وعلاج (الجنريك)، ولدينا علاجات أخرى مثل الأوروبية وغيرها، من بقية الماركات”. منوها الى ان “هناك إجراءات تجعلنا نصل إلى نسبة معينة قد تتجاوز 40% من تسعيرة العلاجات، اذ ان المراكز التخصصية لفحص العلاجات كانت فقط في بغداد وإقليم كردستان، اما الان فلدينا مركز في البصرة والنجف الأشرف، وبالتالي نحن على وشك أن يتم استكمالها”.
مسؤولية الصحة
يوكد الغرابي، انه “سيكون فحص العلاجات بطريقتين سهلة ومتوسطة، وبالتالي يمكن لوزارة الصحة ان تكون مخولة لتذهب إلى المذاخر والمكاتب الامنية وتقوم بالتفتيش، فإذا تم إيجاد علاجات غير مسموحة بإمكانها أن تحاسب، لأنه قبل ما يقارب تقريبا خمسة أشهر، كان هناك اجتماع مع المكاتب الامنية والمذاخر الطبية بأن العلاجات التي تتواجد لديهم في المذاخر والتي تم استيرادها يجب تصفيتها، وبعد ذلك يتم ادخال العلاجات المسعرة من قبل وزارة الصحة والتي تكون مفحوصة، وبالتالي ان الموضوع يقع على عاتق وزارة الصحة بأن تحاسب المذاخر والصيدليات التي تحوي علاجات غير مسجلة وغير مسعرة”.
دكاكين ومافيات
ويتابع الغرابي، ان “التسعيرة الدوائية تحقق العدالة الاجتماعية وتمنع بعض الصيدليات من أن تكون عبارة عن دكاكين للتجارة بمصير الناس، اما الضمان الصحي والذي تم إطلاقه منذ ما يقارب الشهر من قبل وزير الصحة ولجنة الصحة والبيئة النيابية في داخل مجلس النواب، والذي اذا ما تم تفعيله خلال السنوات القادمة سيضمن واقعا إنه تكون جميع العلاجات التي تكتب للمرضى هي مسعرة ومفحوصة باعتبارها ستكون خارجة من جهة رصينة، وهي هيئة الضمان الصحي”.
ويختتم الغرابي حديثه لـ(المدى)، ويقول: إن “هناك مافيات كبيرة في البلد تقف خلفها جهات سياسية متنفذة وتقوم بمنع تحديد تسعيرة دوائية، وذلك لأن فرض التسعيرة الدوائية سيضر بمصالح هذه الجهات التي اعتادت واقعا على مص دماء المواطنين، لكن مع هذا نحن منذ الأيام الأولى في لجنة الصحة والبيئة النيابية تابعنا هذا الموضوع وهناك اجتماعات مستمرة واخرها اجتماع مع وزير الصحة في داخل لجنة الصحة النيابية، وقمنا بالتركيز على هذا الموضوع، وقد بين بأنه إذا ما تم تطبيق الضمان الصحي ستتم السيطرة بنسبة 70% على موضوع التسعيرة الدوائية”.