السوداني يكرر طلبه انسحاب الأمريكان وواشنطن قد ترفض بسبب تهديدا
جرى طلب السوداني الاخير بعد ساعات من اعلان الخارجية تقديم شكوى الى مجلس الامن بسبب هجوم صاروخي ايراني على اربيل مساء الاثنين الماضي، دون ان تستطيع المنظومة العسكرية العراقية ان تصد اي صاروخ.
وفي الوقت نفسه تتحدى الفصائل التي تطلق على نفسها “المقاومة العراقية” كل اجراءات الحكومة في ملاحقة ومنع تنفيذ هجمات ضد المعسكرات العراقية التي تضم مستشارين غربيين؛ بحسب توصيف رئيس الوزراء.
كما تتوسع في المنطقة الحرب التي اشتعلت باحداث غزة، وتقترب الولايات المتحدة من تحشيد هو الأوسع منذ 2008، بحسب وسائل اعلام امريكية- بإرسال 1500 جندي الى العراق، واستمرار غارات التحالف الغربي لمواجهة هجمات البحر الأحمر مقابل الخليج.
وتعتقد مكاتب حزبية في العراق، ان كلام السوداني عن اخراج القوات الامريكية مرتبط بـ”ضغوطات من الفصائل” التي تشارك في الحكومة، ورد فعل على الضربات الامريكية التي استهدفت تلك الجماعات، اخرها مقتل القيادي في النجباء مشتاق طالب السعيدي الملقب بـ”أبو تقوى”.
وترجح تلك المكاتب ان اي سيناريو لاجلاء القوات الغربية سيتجنب فيه السوداني ان يكون الموعد في فترة ولايته، فقد يبعد موعد خروج القوات الامريكية بين 3 الى 5 سنوات، فيما يجري جدال عن الجهة التي تملك صلاحية إنهاء وجود هذه القوات اذا كان العراق او مجلس الامن الذي قرر في 2014 تفويض تحالف دولي لمحاربة “داعش” بطلب من بغداد.
وفي أحدث موقف للحكومة بشأن مستقبل القوات الامريكية في العراق، كشفت في بيان عن لقاء بين رئيس الوزراء ومستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، وذلك على هامش منتدى دافوس الاقتصادي.
وقال البيان، إن “اللقاء شهد التأكيد على بدء أعمال اللجنة الثنائية الخاصة بمراجعة تواجد التحالف الدولي في العراق، التي جرى الاتفاق بشأنها خلال زيارة وزير الدفاع إلى الولايات المتحدة الأمريكية في شهر آب من العام الماضي، والبحث في صياغة جدول زمني لإنهاء مهمة التحالف والانتقال إلى علاقات ثنائية شاملة مع دول التحالف”.
وأشار البيان الى أن “اللقاء تطرق إلى دعوة الرئيس الأمريكي لرئيس مجلس الوزراء، لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية، والاتفاق على تعيين موعد محدد بين فريقي الرئيسين”.
وشدد السوداني، خلال اللقاء، على “رفضه أيّ عمل يتسبب بانتهاك سيادة العراق، والقيام بالرد المباشر، ولاسيما الاعتداء الأمريكي الأخير الذي حصل في بغداد”، مؤكداً في الوقت نفسه “حرص الحكومة على التصدي لأية هجمات تطال القواعد التي تضمّ مستشاري التحالف الدولي”.
بالمقابل فإن السوداني لا يمانع بالتعاون مع التحالف الدولي في مجال التسليح والتدريب، بحسب ما جاء في بيان اخر للحكومة خلال لقاء الاول مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، في دافوس ايضا.
وكان السوداني قد اوضح في لقاء مع “رويترز”، بانه يريد خروجا سريعا ومنظما لقوات التحالف، بعد زيادة حماسة شركائه في الاطار التنسيقي، حين اعلن اول مرة مطلع العام الحالي، عن تشكيل لجنة لوضع جدول زمني لإخراج تلك القوات، خلال تجمع في ذكرى اغتيال ابو مهدي المهندس، نائب رئيس الحشد، وبعد ساعات من من مقتل “ابو تقوى”.
وقبل ان تخرج الامور عن السيطرة، قال معين الكاظمي النائب والقيادي في منظمة بدر بزعامة هادي العامري، بعد ذلك في لقاء تلفزيوني: “من الخطأ إخراج تلك القوات بطريقة عنيفة، لان ذلك سيؤدي الى تبعات”.
وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، اكدت الاسبوع الماضي، أنها لا تخطط حالياً لسحب قواتها البالغ عددها نحو 2500 جندي من العراق.
بالمقابل يقول غازي فيصل، الدبلوماسي ومدير المركز العراقي للدراسات الستراتيجية لـ(المدى): “لن يتم هذا الخروج، لأن وجهة النظر الامريكية تختلف عن ما يراه العراق”.
فيصل يؤكد ان “واشنطن ترى ان اسباب تشكيل التحالف الدولي الذي يضم 82 دولة والذي جاء بسبب تهديدات داعش بالمنطقة، مازالت قائمة، وهو خلاف التقديرات العراقية التي تشير الى انتفاء الحاجة لوجود لتلك القوات”.
ويرى الدبلوماسي السابق: “بالنسبة للولايات المتحدة فان خطر الإرهاب موجود في العراق وسوريا، والخليج وباكستان وافغانسان، كما ترتبط واشنطن باتفاقيات مع العراق بتسليح وتدريب الجيش وتطوير قدراته وخبراته”.
ويقول فيصل ان “كلام حكومة بغداد عن بقاء المستشارين والمدربين الغربيين يعني بقاء اتفاقية الاطار الستراتيجي التي أبرمت بين العراق والولايات المتحدة”.
وفي وجهة نظر ثانية، يقول الباحث في الشأن السياسي وائل الركابي، لـ(المدى) ان “العراق غير مسؤول عن الاوضاع الاقليمية التي تجري الان، والعراق ليس نقطة ارتكاز لاية دولة تريد ان تستعرض قوتها في المنطقة”.
ويضيف الركابي: “الامريكان يقولون انهم جاؤوا الى العراق بطلب من حكومة بغداد، فإذن من الطبيعي ان يخرجوا حين تطلب الحكومة ذلك مع بقاء التعاون والاحترام لكل الدول ضمن التحالف الدولي”.
ويرى الباحث ان “السوداني غير مجبر على التصريح باخراج القوات ثم يتراجع عن موقفه، وانما هذه القوات صارت مصدر قلق للعراقيين وتواجدها يوحي بعدم الاستقرار، بالإضافة الى التجاوزات التي تصدر من تلك القوات ضد السيادة”.
ويؤكد الركابي ان الحكومة جادة في جدولة اخراج قوات التحالف، لكن بسبب ارتباط هذه القوات مع الاجهزة الامنية منذ سنوات يحتاج التنفيذ الى “حوارات وسقوف زمنية لحين خروج اخر جندي”.