أوتشوا المكسيك.. “خبّاز” بست أصابع لا يخشى نحس الرقم 13
قبل كل 4 سنوات وتحديدًا قبل بداية كل نسخة من كأس العالم، تنتشر نكات حول موعد الظهور المعتاد لحارس مرمى المكسيك، أو أن لا أحد يعلم اسمه أو عمره أو لأي فريق يلعب لكن جميعنا ندرك أنه سيظهر بشكل مميز في البطولة، وصور لقصة شعره المميزة متبوعة بسؤال ساخر: كيف تعرف أن كأس العالم على وشك الانطلاق؟
خلف جميع هذه التعليقات والأسئلة قصة طويلة لرجل يُدعى غييرمو أوتشوا، يعتبره الكثيرون أفضل حارس مكسيكي على الإطلاق.
ويستعد أوتشوا لقيادة المنتخب المكسيكي في المواجهة المصيرية أمام نظيره السعودي ضمن منافسات الجولة الأخيرة من دور المجموعات لكأس العالم 2022 المقام بقطر، يوم الأربعاء على ملعب “لوسيل”.
طفولة هانئة
ولد “ميمو” أو فرانشيسكو غييرمو أوتشوا في ثاني أكبر مدن المكسيك غوادالاخار، لعائلة متوسطة عبّر دائمًا عن امتنانه لها بسبب دعمه ليكون لاعب كرة القدم، ويبدو أن العائلة شغوفة بالرياضة، إذ مارست شقيقة أوتشوا آنا لورا لعبة التنس بشكل احترافي.
امتلك والدا أوتشوا مخبزًا وكان مصدر الدخل الرئيسي لتلك العائلة، “ميمو” وآنا كانا يساعدانهما بشكل دائم، بشكل عام تربى حارس المرمى في كنف عائلة مترابطة لا يزال يشعر بدفئها حتى الآن.
ولدى أوتشوا جوازا سفر، المكسيكي والإسباني، بسبب انحدار أصول كلا والديه من إسبانيا.
شمايكل السبب
أحب أوتشوا الجلد المدوّر بسبب الحارس الأسطوري بيتر شمايكل وعكف على مشاهدة لقطاته وتصدياته منذ الطفولة.
كان قريبًا من السير على نهج قدوته والانضمام لمانشستر يونايتد عام 2007، لكن تواجد الهولندي فان دير سار بين قائمي وعارضة الفريق الإنجليزي حال دون ذلك.
نقلت صحيفة “الغارديان” تصريحات “ميمو” عنه التي قال فيها: لقد كان مذهلًا، يمكنه إيقاف أي شيء يعترض طريقه، لطالما كان اللاعب الذي أردت تقليده في كل شيء.
جائزة أسطورية
طوال مسيرته الممتدة منذ 2004 وحتى الآن، دافع أوتشوا عن ألوان 6 أندية مختلفة وحصد معها أكثر من 7 بطولات جماعية و14 أخرى فردية منها ترشيحه لقائمة “البالون دور” عام 2007 كأول مكسيكي ينال هذا الشرف، إلا أن هناك جائزة أسطورية ستخلّد هذا الاسم للأبد.
في أغسطس 2022، أصبح أوتشوا أكثر حارس خرج بشباك نظيفة في تاريخ كلوب أميركا المكسيكي، أي في 106 عام بالتحديد.
كلوب أميركا هو النادي الذي شهد بداية مسيرة الحارس، لعب بألوانه لفترتين، الأولى بين عامي 2004 و2011 والثانية منذ 2019 حتى الآن، شارك في 424 مباراة، حافظ على نظافة شباكه في 120 منها.
المنشطات التي أوقفت كل شيء
قبل استضافة الولايات المتحدة لبطولة الكأس الذهبية لاتحاد دول أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي لكرة القدم (كونكاكاف)، ثبت تعاطي أوتشوا و4 من زملائه لمنشط “كلينبوتيرول” وإيقافهم جميعًا.
فتح الاتحاد المكسيكي لكرة القدم تحقيقا في الأمر كشف أن سبب وجود مادة محظورة هو التسمم الغذائي، إذ أظهرت النتائج أن اللحوم التي أعطيت للاعبين خلال أحد المطاعم تحتوي على تلك المادة.
ومن الممكن استخدام كلينبوتيرول لتسريع نمو العضلات وزيادة حجمها في الحيوانات.
نظرًا لأن هذا الخطأ لم يكن مقصودًا من اللاعبين، تمت تبرئتهم من قبل “وادا” بعد شهرين.
خلال تلك الفترة اختفت جميع الاهتمامات من الأندية الأوروبية الكبيرة، ولم يتبقَ منها سوى عرض من النادي الكائن في جزيرة كورسيكا الفرنسية أجاكسيو، الذي نجح في التعاقد مع الحارس المكسيكي على الرغم من ضعف موارده المالية بسبب حيلة ما.
انتقال إعلاني
انتقال أوتشوا الأول خارج المكسيك كان للصاعد حديثًا للدوري الفرنسي أجاكسيو عام 2011، التقارير الفرنسية أكدت أن أجاكسيو صاحب متوسط الرواتب الأقل بين فرق الدوري الفرنسي لم يكن ليستطيع تغطية راتب الحارس الدولي لولا تدخل شركة الإنتاج التلفزيوني المكسيكي “تيليفيزا”، التي أرادت أن يذهب الحارس المتألق إلى هناك بعد أن اشترت حقوق بث المسابقة الفرنسية في المكسيك.
التقت رغبة الشركة مع مثيلتها عند الحارس باللعب في أوروبا فتمّت الصفقة، وقال أوتشوا بعد قضاء عدة أشهر في فرنسا: أنا لا أكسب الكثير الآن كما فعلت في المكسيك، لكن هذا لا يمنعني من أن أكون سعيدًا.
لم يستغرق مشجعو أجاكسيو الكثير ليقعوا في حب أوتشوا، خاصة بعد أن صنع الفارق وحافظ على بقائهم في دوري الأضواء خلال أول موسمين، لكن بعد أن انهارت مقاومته في الموسم الثالث ومع إعلان أجاكسيو هبوطه، رحل أوتشوا إلى ملقا، بعد أن خرج في 22 مباراة بشباك نظيفة، من أصل 116 لعبها للنادي الفرنسي.
سر القميص 13
على الرغم من سمعة الرقم 13 غير الجيدة من حيث الحظ، إلا أنه يعد الرقم المفضل للاعب المكسيكي، واختاره حينما انتقل إلى ملقا الإسباني.
ولد أوتشوا يوم الجمعة الموافق 13 يوليو 1985، وشارك للمرة الأولى بكأس العالم يوم الجمعة الموافق 13 يونيو 2014، ولم يرتدِ سوى الرقم 13 خلال النسخ التي شارك بها.
مباراة العمر التي نصبّته إلهًا
على عشب ملعب كاستيلاو وتحت أنظار 60 ألف متفرج، لعب أوتشوا أفضل مبارياته على الإطلاق أمام البرازيل خلال الجولة الثانية من دور المجموعات، وفرض على مستضيف البطولة تعادلًا سلبيًا بعدما تصدى لـ6 أهداف محققة، أصعبها كان أمام نيمار.
انتشرت بعد هذه المباراة صورة شهيرة للحارس المكسيكي، لكنها مزيفة بالطبع، تظهره وهو يلوّح بيده التي تتكون من 6 أصابع، كناية على قدراته المميزة.
تلقى “ميمو” إشادات استثنائية من زملائه هيكتور هيريرا ورافائيل ماركيز، قال الأول: لا يوجد حارس مرمى في تاريخ كأس العالم فعل ما قام به أوتشوا أمام البرازيل، ومدحه قائد الفريق قائلًا: ميمو كان منقذنا.
الإطراء امتد إلى منافسيه، بعدما قال تياغو سيلفا: إنه يستحق التهنئة، أجبرنا على احترامه.
وتجدر الإشارة إلى أن صفحته على ويكيبيديا تم تحديثها عقب صافرة نهاية المباراة وتغيير اسمه إلى “إله المكسيك”.
الأكاديمي “ميمو”
حصل أوتشوا على شهادة في الشؤون الإدارة لكرة القدم من معهد يوهان كرويف الشهير، وقال عن دراسته لموقع المعهد الرسمي: أعلم أن أيام لاعب الكرة دائمًا ما تكون معدودة، أحب دائمًا فكرة الاستعداد لما هو قادم، لذلك أريد أن يرتبط عملي دائمًا بكرة القدم حتى عقب اعتزالي، سواء كمدرب أو كمدير رياضي أو في الجانب الإداري على وجه العموم.
وتابع: تجذبني فكرة تولي مسؤولية نادٍ من الجانب الاقتصادي، وأن أشرف على تطوير اللاعبين من ناحية قيمتهم السوقية، أنا مهتم حقًا بالمهام خارج المستطيل الأخضر وأعتقد أنني سأنجح بها.