لماذا يسدد أفضل لاعبي العالم ركلات الترجيح بشكل هزيل؟
احتكمت مباراة البرازيل وكرواتيا، وهي أولى مباريات دور الثمانية لكأس العالم لكرة القدم 2022، إلى ركلات الترجيح، لتحديد أول المنتخبات صعودا للدور نصف النهائي، وفجر منتخب كرواتيا مفاجأة كبرى بعد انتزاعه ورقة التأهل على حساب البرازيل بعد الفوز (4 ـ2) إثر نهاية المباراة في وقتيها الأصلي والإضافي (1ـ 1).
وحسمت ركلات الترجيح، واحدة على الأقل من مباريات دور الثمانية في آخر 9 نسخ، بينها مونديال المكسيك 1986 عندما انتهت 3 لقاءات من علامة الجزاء في تلك البطولة.
لكن ركلات الترجيح قد لا تكون بنفس المستوى المتواضع الذي شهده دور الـ16 في قطر، وتحديدا في مباراتين تم في كلتيهما اللجوء للركلات الحاسمة، ففي الأولى ودعت اليابان المنافسات على يد كرواتيا التي تصدى حارسها دومينيك ليفاكوفيتش لتسديدات “هزيلة” من تاكومي مينامينو وكاورو ميتوما ومايا يوشيدا، أما في الثانية فقد خرجت إسبانيا، بطلة نسخة 2010، أمام المغرب بركلات الترجيح (3 ـ0) بعد أن أخفق “لاروخا” في تسجيل 3 ركلات ترجيح متتالية.
وفي حصة ركلات الترجيح من تلك المباراة، اصطدمت تسديدة بابلو سارابيا، الذي نزل بديلا في نهاية المباراة من أجل ركلات الترجيح، بالقائم. بينما تصدى حارس مرمى المنتخب المغربي ياسين بونو بسهولة لتسديدتي كارلوس سولير وسيرجيو بوسكيتس.
إسبانيا تتجرع من نفس الكأس
وليس هناك أي تفسير لهذا المستوى الضعيف خاصة بعد خروج إسبانيا بركلات الترجيح من نفس الدور في روسيا قبل 4 سنوات وبالنظر لوجود لاعبين ذوي موهبة فنية كبيرة في صفوف منتخب لاروخا، خصوصا أن السمة الأبرز لركلات الترجيح في كلتا المباراتين هي التنفيذ المتواضع.
كانت التسديدات الست التي تصدى لها حارسا الفريقين الفائزين، المغرب وكرواتيا ضعيفة وبالقرب من منتصف المرمى، وهي الظاهرة التي حيّرت الجماهير والخبراء.
وحللت شركة “نيلسن غراسنوت” للبيانات كل الركلات التي شهدتها آخر 5 نسخ من البطولة من علامة الجزاء، بينها قطر 2022، وخلصت إلى أن التسديدة المنخفضة إلى جهة اليمين (50%) وإلى جهة اليسار (68%) هي الأقل من ناحية نسبة النجاح.
أما معدل نجاح التسديدات باتجاه الجزء العلوي من المرمى، سواء في الزاوية أو في المنتصف، وصل إلى 100% من أصل 20 محاولة شملها التحليل.
ويحظى مهاجم إنجلترا السابق آلان شيرر بسجل رائع من علامة الجزاء إذ إنه عادة ما يسددها بقوة باتجاه الزاوية العليا فحتى إذا ارتمى الحارس للتصدي لها فإن فرصه ضئيلة.
لغة الجسد
وكثيرا ما يتبادر إلى أذهان جماهير كرة القدم تساؤل عن السبب الذي يدفع اللاعبين لتسديد ركلات الترجيح منخفضة عوضا عن الزاوية العليا، ويجيب مات ميلر ديكس، كبير المحاضرين في اكتساب المهارات بجامعة بورتسموث، في حديثه لرويترز بأن “هامش الخطأ في توجيه التسديدات إلى هذا الجزء أقل من باقي المرمى”.
ويقول “لا يمكنك أن تسدد الكرات تحت مستوى الأرض لكنك بالطبع يمكنك أن تسددها أعلى من مستوى العارضة، لذا فإنها أشبه بشبكة أمان، ربما يكون اللاعبون أكثر ثقة في أوضاع أقل ضغطا بما يمكنهم من التسديد باتجاه الزاوية العليا”.
وتلعب لغة الجسد والثقة دورا بارزا، إذ بدا أن الخوف تمكن من اللاعبين اليابانيين خلال تسديد ركلات الترجيح، كما أن ضرر الاستخدام المتزايد لحركات مغالطة الحارس أثناء الانطلاق لتسديد الركلة يبدو أكثر من نفعه، بحسب مات ميلر ديكس.
وقال ديكس “وصلني هذا الشعور من بعض أسوأ الركلات الترجيح في تلك المباراتين ربما حالة لاعبين ينطلقون ببطء شديد لتنفيذ الركلة ربما على أمل أن يرتمي الحارس في زاوية، لكنه لا يفعل ولا يسدد اللاعب الكرة باتجاه الزاوية الأخرى ليتصدى الحارس للتسديدة بصورة تبدو سهلة”.
وتتباين وطأة الضغط النفسي للموقف من لاعب لآخر، لكن ديكس يقول إن “الضرر قد يحدث حتى من قبل أن يضع اللاعب الكرة على علامة الجزاء، الأبحاث أظهرت أن الركلة في حد ذاتها ليست مصدر كل الصعوبات التي يواجهها اللاعبون، وإنما الاصطفاف على خط منتصف الملعب والسير باتجاه منطقة الجزاء للتسديد”.
ويضيف “إذا لم يكونوا مستعدين لتلك اللحظة، حينها تساورهم شكوك بشأن ما سيفعلونه وربما يغيروا خططهم في التسديد، لذا أعتقد أن من المهم ألا يقتصر استعداد اللاعبين على تسديد الركلات، وإنما السير إلى منطقة الجزاء، هناك مختص في علم نفس الرياضي في المنتخبات أو الأندية ويجب عليهم المساعدة في إعداد اللاعبين نفسيا لتلك اللحظة”.